الألف في حكمها ولهذا لا يبتدأ بها ، فلما صارت كالألف قلبها همزة ساكنة كما قالوا خأتم وعألم ، قال ابن جنى : ولا يجوز أن يكون سكن الهمزة لأن المفتوح لا يسكن لخفة الفتحة ، ولو قيل إنه سكن الهمزة لتوالي الحركات وتوالي الحركات يجتنب وإن كانت الحركة فتحة كما سكنوا باء ضربت لكان حسنا ( ممن ترضون ) هو في موضع رفع صفة لرجل وامرأتين تقديره : مرضيون ، وقيل هو صفة لشهيدين وهو ضعيف للفصل الواقع بينهما ، وقيل هو بدل من " من رجالكم " وأصل ترضون ترضوون ، لأن لام الرضا واو لقولك الرضوان ( من الشهداء ) يجوز أن يكون حالا من الضمير المحذوف : أي ترضونه كائنا من الشهداء ، ويجوز أن يكون بدلا من " من " ( أن تضل ) يقرأ بفتح الهمزة على أنها المصدرية الناصية للفعل وهو مفعول له وتقديره : لأن تضل إحداهما ( فتذكر ) بالنصب معطوف عليه .
فإن قلت . ليس الغرض من استشهاد المرأتين مع الرجل أن تضل إحداهما فكيف يقدر باللام . فالجواب ما قاله سيبويه : إن هذا كلام محمول على المعنى ، وعادة العرب أن تقدم ما فيه السبب فيجعل في موضع المسبب لأنه يصير إليه ، ومثله قولك أعددت هذه الخشبة أن تميل الحائط فأدعمه بها ، ومعلوم أنك لم تقصد بإعداد الخشبة ميل الحائط ، وإنما المعنى لادعم بها الحائط إذا مال ، فكذلك الآية تقديرها : لأن تذكر إحداهما الأخرى إذا ضلت أو لضلالها ، ولا يجوز أن يكون التقدير : مخافة أن تضل ، لأنه عطف عليه فتذكر ، فيصير المعنى مخافة أن تذكر إحداهما الأخرى إذا ضلت ، وهذا عكس المراد ، ويقرأ فتذكر بالرفع على الاستئناف . ويقرأ إن بكسر الهمزة على أنها شرط ، وفتحة اللام على هذا حركة بناء لالتقاء الساكنين ، فتذكر جواب الشرط ، ورفع الفعل لدخول الفاء الجواب ، ويقرأ بتشديد الكاف وتخفيفها ، يقال : ذكرته وأذكرته ، و ( إحداهما ) للفاعل ، و ( الأخرى ) المفعول ويصح في المعنى العكس إلا أنه يمتنع في الإعراب على ظاهر قول النحويين ، لأن الفاعل والمفعول إذا لم يظهر فيهما علامة الإعراب أوجبوا تقديم الفاعل في كل موضع يخاف فيه اللبس ، فعلى هذا أمن اللبس جاز تقديم المفعول كقولك : كسر عيسى العصا ، وهذه الآية من هذا القبيل ، لأن النسيان والإذكار لا يتعين في واحدة منهما ، بل ذلك على الإبهام ، وقد علم بقوله " فتذكر " أن التي تذكر هي الذاكرة ، والتي تذكر هي الناسية ، كما علم لفظ كسر من يصح منه الكسر ، فعلى هذا يجوز أن يجعل إحداهما فاعلا ، والأخرى مفعولا ، وأن يعكس .