ولا شك إن المباشرة أو التسبيب أو اجتماعهما في تلف المغصوب توجب الضمان بأي حال من الأحوال ، باعتبار ان الخطابات الوضعية تشمل الجميع . وعليه فان الطفل والمجنون إذا اتلفا مال الغير ، تعين على وليهما دفع البدل إن كان لهما مالٌ ؛ والمسبب لتلف مال الغير يدفع للمالك بدل التالف من المثل والقيمة ؛ والمستولي على مال الغير بغير إذن ونحوه يدخل في عهدته ، وعليه مسؤولية تلفه إذا تلف . والنتيجة ان وجوب الضمان يحفظ أموال الافراد من الضياع والتلف ، ويصون الثروة الاجتماعية والانسانية من الهدر والتبذير .
القسم الثاني : السرقة وهي سلب مال الغير المودع في حرز سراً وفيها شروط . ولعل السرقة أشد من الغصب ، باعتبار ان انتهاك حرمة الشيء المسروق الذي اطمأن صاحبه على سلامته بالسر والحرز ، يعرض النظام الاجتماعي لمخاطر كبيرة فيما يتعلق بالوضع الاقتصادي للمجتمع الاسلامي . وقد أوجب الشارع الحد فيها على السارق دون الغاصب ، كما ورد في قوله تعالى : ( والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاءً بما كسبا نكالاً من الله والله عزيز حكيم ) [1] .
ونستلهم من كتب السيرة والتاريخ عدالة النظرية الاسلامية في معاقبة المنحرفين .
فقد روي ان امرأة من طبقة الاشراف سرقت ، فتشفع لدى رسول الله ( ص ) أحد الصحابة ، فقام ( ص ) وخطب في الناس خطبة قوية قصيرة ، معلناً فيها مبدأ مساواة جميع الافراد أمام الشريعة والقانون : ( أيها الناس ، إنما ضل من قبلكم انهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه ،