وهذا الضمان ينبع من جوهر النظرة القرآنية للانسان . فالفرد - حسب تلك النظرة - ليس كياناً مادياً فحسب ، بل هو كيان مادي وروحي كريم ؛ والجوع يمزق هذا الكيان ويحط من قدره ؛ وبذلك فلا بد من اشباع حاجاته الأساسية في العيش الكريم . والى هذا التفضيل أشار الكتاب المجيد بقوله : ( ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا ) [1] . وليس غريباً أن نلمس بكل صراحة إدانة القرآن الكريم للبخل والبخلاء ، وأولئك الذين يكنزون أموالهم ويبعدونها عن التداول الاجتماعي ؛ لأن البخل يحرم الافراد من التنعم بالثروات الاجتماعية : ( ويلٌ لكل همزةٍ لمزةٍ ، الذي جمع مالاً وعدده ، يحسب أن ماله أخلده ، كلا لينبذن في الحطمة ) [2] ، ( أرأيت الذي يكذب بالدين ، فذلك الذي يدع اليتيم ولا يحض على طعام المسكين ) [3] ، ( ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيراً لهم ، بل هو شرٌ لهم ، سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة ) [4] .
ان من حق المخلوق على الخالق اشباعه وكسوته ، وأي نقض لهذا القانون الكوني انما هو نقض لصميم مفهوم العبودية بين المربوب والرب . فالجائع لا يستطيع عبادة الله ، ولا يقدر على تحمل التكاليف الشرعية ؛ فكيف يأمره الخالق - اذن - بالعبادة ، ولا يضمن له العيش الكريم ؟ ولا شك