ان المولى عز وجل خلق للافراد مصادر غذائهم وكسوتهم ، ولكن سوء التوزيع الذي يقوم به الانسان هو الذي يحرم البعض من حقوقهم ويتخم البعض الآخر . وهذا يفسر - إلى حد ما - تأكيد الاسلام المستمر على الانفاق الواجب والمستحب على الفقراء والمساكين ؛ خصوصاً في موارد الانفاق التي ذكرناها سابقاً ، كالصدقات الواجبة ، والكفارات ، والأضحية ، والأنفال .
ولا تتوقف النظرية الاسلامية بمساعدة الفقراء عند الضمان الاجتماعي فحسب ، بل تتعدى في نظرتها الشمولية إلى التكافل العام بين جميع افراد المجتمع الانساني ، الذي ينبغي أن يقوم على مبدأين هما :
الأول : مبدأ كفالة الافراد بعضهم البعض كفاية ، وهذا المبدأ لا يمكن تجزئته أو فصله عن بقية أحكام الاسلام التي تفرض على المكلفين ضرائب وغرامات مالية أو عينية يرد أغلبها إلى الفقراء ، خصوصاً القاصرين والعاجزين .
الثاني : مبدأ الإخوة الذي يعتبره الاسلام حجر الأساس في بناء العلاقات الاجتماعية النظيفة . وقد أشارت الاحكام الشرعية الاسلامية في أكثر من موضع إلى ضرورة التحسس لآلام الآخرين وأهمية مشاركة الافراد شعورهم الانساني من أفراح وأتراح . فالمصائب الجماعية أخف ثقلاً على كاهل الفرد من تلك التي ينوء بحملها الانسان منفرداً دون صديق أو حميم . ولذلك كان مفهوم الإخوة في الاسلام ، وما يترتب عليه من آثار اقتصادية في توزيع الثروة ، من أكثر وسائل التكافل الاجتماعي تأثيراً وأمضاها فعالية في تضييق الفوارق الطبقية بين الافراد . ولئن كان ( المذهب