لفرد متصل بالمطلق . ولكن الشريعة أجازت لمجتهدين استخدام الأدلة الظنية الموصلة للحق . وعليه فان المجتهد ، هو أكثر الافراد حظاً في إصابة الواقع وإقامة العدل ، ولذلك أسند له دور القضاء .
ثانياً : ان حكم المجتهد في النظرية الاسلامية لا يغير الحكم الواقعي . فلو ظهر لمجتهد آخر خطأ المجتهد الأول بطريق القطع واليقين ، جاز له نقضه . لان المدار في الاجتهاد الدليل القاطع كالآية القرآنية الصريحة ، والاجماع المحصل ، والحديث المتواتر . والمعيار لنقض الحكم هو العلم اليقيني بمخالفته للواقع . بمعنى ان الحكم ينفذ ظاهراً لا باطناً . والأصل في ذلك ، ان كل القضاة المجتهدين يعتمدون على الأدلة الظنية الموصلة للحق أولاً ، والاجتهاد الذي يحتمل فيه الخطأ والصواب ثانياً ، فلا يستطيع أحدهم نقض حكم الآخر ، الا إذا ظهر لقاضٍ ثانٍ خطأ حكم القاضي الأول بطريق القطع واليقين . وعليه ، فان الاستئناف هنا ، استثنائي ومحدود جداً ، وليس الأصل في كل الاحكام الجنائية والحقوقية .
اما في النظام القضائي الغربي ، فان الاستئناف حق دستوري وليس قضية ثانوية [1] ؛ بل ان أول ما يلمح به محامي الدفاع أمام هيئة المحلفين ، حق المتهم في محاكمة استئنافية إذا لم تحرز عدالة المحاكمة الأولى . ولكن إذا كانت هيئة المحلفين في المحاكمة الأولى بعيدة عن روح العدالة في حكمها على المتهم ، فمن الذي يضمن عدالة محاكم الاستئناف بهيئة محلفين جديدة أو بقضاة آخرين يمتلكون نفس مواهب نظائرهم في المحاكم الدنيا ؟