تعالى في كتابه المجيد : ( لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط ) [1] . فالقضاء الاسلامي لا يضمن حقوق الافراد الشخصية فحسب ، بل يربط الجهاز القضائي بما فيه من قضاة ، وشهود ، ودعاوى ومن يرتبط بها ، بالله سبحانه وتعالى ؛ لأنه هو مصدر كل الاحكام الشرعية التي يتعامل بها القاضي مع المدعي والمدعى عليه والشهود . فأصبح القضاء الاسلامي وسيلة من وسائل التعبد لله عز وجل ، وليس وسيلة من وسائل الإثراء وجمع المال والسيطرة السياسية كما هو المعمول به في النظام الرأسمالي .
وإذا كان من مهمة القضاء وضع الخط الفاصل بين الاعتدال والانحراف ، والتمييز بين السلوك الطبيعي والجنائي ، فان الاسلام باعتباره دين العدالة والمساواة اعتبر القضاء جزءًا من رسالته الكلية التي تمتد مع امتداد تطلعات الانسان ، ونظرته الشمولية حول الكون والحياة . فلا يحتاج الفرد في النظام الاسلامي إلى خبراء يصممون له قوانين قضائية ، لتجعله أشد تماسكاً مع بقية الافراد في النظام الاجتماعي ؛ فإن ذلك قد ترك للرسالة الاسلامية بأبعادها المختلفة لتعمل عملها بتغيير نفسية الفرد ، وتشكيله من جديد على أساس حب الخير والتعاون والتآزر مع النظام الاجتماعي ؛ بمعنى ان الجريمة إذا وقعت في المجتمع الاسلامي ، فإنها لا تعتبر عاملاً من عوامل تماسك المجتمع ، بل لا بد من استئصالها بانزال أقصى العقوبات التي شرعها الخالق عز وجل ، وهي عقوبات القصاص والحد والدية ونحوها .
وهذا