الظالم ، أو انزال القصاص العادل بالجاني ، أو اجبار المعتدي على تعويض الضحية مالياً . وفي كل ذلك يكون الجهاز القضائي ميزاناً للحق ، ووسيلة رادعة وفعالة لحفظ النظام الاجتماعي . فالقضاء لا يحل التنازع الشخصي بين المتخاصمين فحسب ، بل يؤثر في قراراته على النظام التجاري والاقتصادي والسياسي للدولة ، وعلى الحياة العائلية ، وعلى نقل الملكية ، والإرث ، وتحصيل العلوم ، وعلى كل أنواع العلاقات التي تعارف الاجتماع الانساني على الاقرار بها .
وإذا كانت النظرية الرأسمالية الغربية ، لا تزال إلى حد اليوم ، منقسمة على ذاتها في تشخيص من الذي يحدد الانحراف والمنحرفين [1] ؛ حيث يذهب الجناح اليساري إلى القول بان الطبقة الرأسمالية الغنية هي التي وضعت القوانين الجنائية لحماية مصالحها ضد الفقراء ، ويذهب الجناح اليميني إلى القول بان الارتكاز العقلائي في النظام الاجتماعي هو الذي وضع القوانين لحماية المصلحة الاجتماعية العليا . في جو هذا الاضطراب الفكري الرأسمالي يقف الاسلام ونظامه القضائي شامخاً في تحديد الانحراف وتعريف المنحرف على أصول وقواعد شرعية ثابتة ؛ حيث تصرح القواعد الدينية بان الخالق سبحانه وتعالى هو الذي يحدد الانحراف ، وهو الذي يعاقب عليه ، وهو الذي يضع لكل واقعة حكماً يؤخذ من خلاله حق المظلوم ؛ ذلك أنه أرسل الرسل والأنبياء ( ع ) لهداية الناس إلى تعيين ميزان القضاء العادل ، كما يقول