أو من غيرهم . وإذا ورد النص التشريعي من قبل الله أو الرسول ، فليس لأحد الاجتهاد ، بل عليهم الأخذ به حتماً : ( وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ) [1] ، ( ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام ) [2] . فالمشاورة التي أمر الله سبحانه رسوله ( ص ) الأخذ بها كانت منحصرة في الأمور العرفية . ولكن اطلاق النص في الآية الشريفة جعل القوم ينحون مناحي شتى في تفسيرها وتأويلها .
وقد استشار رسول الله ( ص ) أصحابه في غزوة بدر الكبرى [3] ، وفي غزوة أحد [4] ، وفي غزوة الخندق [5] . ولكنه ( ص ) لم يشاورهم في كل القضايا المصيرية التي كانت تهم الدولة الفتية . فقد عقد ( ص ) معاهدته مع اليهود دون استشارة أحد من المسلمين ، وعقد صلح الحديبية رغم معارضة بعض الصحابة لذلك ، وأعلن الحرب على قريش بإرسال السرايا دون استشارتهم . والمدار في كل ذلك انه ( ص ) كان يعلم المصلحة العليا للاسلام في قرارته لأنه كان قريباً من منبع الوحي ومهبط التنزيل . وحتى في بدر فإنه استشارهم في المكان الذي نزل فيه ، ولم يستشرهم في أصل لزوم القتال أو عدمه . فيكون مقتضى قوله : ( وشاورهم في الأمر ) المشاورة