المعاني المختلفة ، فلا يمكن أن يضع لفظين أو أكثر للمعنى الواحد ، فهذا العمل هو بخلاف غايته من الوضع .
الثالث : إنّ تساوي الألفاظ في المعنى هو بخلاف فكرة ( أنّ للحروف معاني ) . وهذا السبب نسوقه لمن يؤمن بمعاني الحروف ولا يرى الوضع ، لأنّ اللفظ المتألّف من تسلسلٍ معيّنٍ لبعض الحروف لا يساوي ما ينتج من تسلسلٍ آخر لنفس الحروف ، وتكون مساواته لما هو من حروفٍ أخرى أكثر خطئاً .
فروع القاعدة :
الفرع الأول : قيد اللفظ أو المعنى لا يمكن أن يؤدي المعنى المحدّد المقصود للقائل إلاَّ لفظاً واحداً أو ترتيباً واحداً الغاية من هذا الفرع هي في أن المعنى المقصود للقائل لا يؤدّيه على وجهه الدقيق والصحيح إلاَّ لفظ واحد أو ترتيب واحد . وقد يخطئ القائل أو يتّبع الاصطلاح الخاطئ ، أمّا القرآن الكريم فليس فيه احتمال لحدوث ذلك إذ اللفظ قد استُخدِمَ فيه لأداء معنىً محدّدٍ .
وقولنا : ( أو ترتيب واحد ) فهو في حالة قصد المعنى التام .
أمّا لماذا لا يمكن أن يكون للمعنى المحدّد أكثر من لفظ واحد فمردّه إلى سببين :
السبب الأول : أن الخلق لهم ميلٌ شديدٌ إلى اختصار المفردات إلى أقلّ عددٍ ممكنٍ لأداء أكبر قدرٍ من المعاني ، فأدّت رغبتهم هذه إلى حدوث التموضع الجديد للمفردات واشتراكها وظهور اللغة الاصطلاحية بدلاً من ( اللغة المعنوية الحقيقية ) . فتعدّد المفردات لأداء معنى واحد كان نتيجةً قسريةً لسوء فعلهم هذا ، لأنَّه في الأصل بخلاف غايتهم حيث أن غايتهم هي أن تكون للمفردة معاني متعدّدة لا العكس فوقعوا في ما كانوا يخشونه . وسترى العلاقة بين المسألتين في الرسم ( 1 ) .
وهذا السبب نسوقه لمن تعجّل معرفته وآمن بالوضع .
أما السبب الثاني : فلأنّ اللفظ هو عبارة عن تسلسلٍ معيّنٍ من الحروف وهو بخلاف أي تسلسلٍ آخر ويستحيل أن يطابق أي لفظٍ آخر سوى نفسه .