اللغوية واستعمالات المفردات . فالقرآن حاكمٌ على اللغة غير محكومٍ بها ولا بقواعدها ، وهو ما سار عليه المنهج وخالف به عامة المفسِّرين والنحويين ، لأَنَّ قوله ( ع ) ( تنطقون به ) يدلُّ على ذلك كما هو واضحٌ .
قوله ( ينطق بعضُهُ ببعضٍ ) هو عبارةٌ يستحيلُ تفسيرها أو شرحها إلاَّ بطريقة المنهج في موضوع الاقترانات اللفظية ، إذ لم يقل ( ينطق بعضه على بعض ) ، بل ينطق البعضُ بالبعضِ الآخر . وهي عبارةٌ تختلف عن العبارة التي بعدها ( يشهد بعضه على بعضٍ ) . فالشهادة هي صحّة استنتاج حقيقةٍ ما من تركيبٍ أو مجموعةٍ من التراكيب ، فتشهد لهذا الاستنتاج حقيقةٌ أخرى من تركيبٍ أو مجموعةٍ أخرى ، لأَنَّ الحقائق يؤيّد بعضُها بعضاً ، فهذه هي الشهادة .
أمَّا قوله ( ينطق بعضه ببعض ) ، فالنطقُ صورةُ الكلامِ ، وهذا يعني أنَّ الصورَ متداخلةٌ . فالصورةُ إذن موجودةٌ في أكثر من تركيبٍ . وهذا يعني أنَّها هي هي ، وهو ما يؤيّد قاعدة ثبات المعنى للفظ وثبات اللفظ لأداء المعنى .
فهذا التداخل هو أحد أسباب كونه يشهد بعضه على بعضٍ ، لأَنَّ الشهادة يقوم بها في الطبقة السطحية اشتراك الألفاظ ، لذلك قدَّم النطق على الشهادة . ومن أجل وجود هذا النظام الصارم للألفاظ وعلاقاتها أمكن كشف حقيقة معنى اللفظ ، بل والحرف لو شاء الباحث التدبّر ، فأمكن بالنتيجة معرفة النطق كلّه ، وبالتالي تصحُّ المقدِّمةُ في قوله ( ع ) ( وتنطقون به ) .
قوله ( ع ) : ( لا يختلف في الله ) .
فحدوث ذلك في الكلام هو أغرب وأعجب شيءٍ في الكون ، وذلك لأَنَّ الله أكبر من أن يُعرَف ، كما وردَ في النصّ في معنى ( الله أكبر ) . إذ قال رجلٌ : ( الله أكبر من كلِّ شيء ) فقال الإمام ( ع ) : ( إذن حددته ) ، والمعنى : جعلت له حدّاً معلوماً ، لأَنَّ للأشياء حدٌّ . فالموجودات لها منتهى زماني . وإذا كان اللهُ أكبر منها فقد جعلتَ له مقياساً معلوماً .
فقال الرجلُ : ( فكيف أقول ؟ ) . قال الإمام : ( تقول الله أكبر من أن يُعرَفَ ) .
إذن فالكلام عن الله إذا كان صادراً عن مخلوقٍ فمحالٌ أن لا يختلف في الله ،