الفصل الثاني قواعد المنهج اللفظي إنّ عرض هذا المنهج على القارئ هو أمرٌ بالغُ الصعوبة ، لأنَّه يعني عرض خصائص القرآن الإعجازية . وهناك عدّةَ أساليبٍ للقيام بذلك ، وقد وجدنا خلال البحث أن أسلم تلك الأساليب وأكثرها منفعة وأسرعها حركة في توضيح هذا المنهج هو الأسلوب الذي سوف نتّبعه الآن .
حيث سنقوم بعرض قواعدنا الخاصة محاولين الاستدلال عليها مرّةً من المتّفق عليه في المنطق أو اللغة ، ومرّةً من خلال التناقض بين قضيتين من تلك القضايا المتعلّقة باللغة أو المنطق ، ومرّةً ثالثةً من خلال التناقض الحاصل من شرح نصٍّ قرآني بناءً على قاعدةٍ سابقةٍ مغايرٍةٍ لقاعدة المنهج .
فإذا تمَّ شرحُ قاعدةٍ من قواعد المنهج بهذه الطريقة كان القارئ قد عَلِمَ أنَّها قاعدةٌ تحلُّ محلّ أخرى باطلةً في كلّ شيء لغةً ومنطقاً وعقيدةً ، وأسعفه المثال القرآني في الكشف عن زيف القاعدة السابقة وصحّة قاعدة المنهج ، ثم نأتيه بشواهد منفردة نذكر فيها ما قيل في المناهج السابقة والحالية بشأن التركيب أو الآية أو اللفظ ، وما يقوله المنهج فيها بناءً على قاعدته .
فيكون المنهج بهذا الأسلوب قد عرض نفسه وعرض قواعده وعرض خصائص جزئية من القرآن في آنٍ واحدٍ مثبتاً في عين الوقت بطلان أيّ منهجٍ سواه .
وما كان المنهج بحاجةٍ إلى قواعد أصلاً لولا أن أهل اللغة قد حكَموا القرآن بقواعدهم النحوية والبلاغية واللغوية العامة . . فهذا السبب هو وحده الذي يضطّره إلى وضع قواعد خاصة به قد تكون مناقضة لها مستخرجةً من النظام القرآني .
ولذلك فليس على الباحث النبيه إلاَّ إلقاء نظرةً واحدةً على نصوص تلك القواعد وحدها بغير شروح حتى يلوح له ما يرمي إليه المنهج اللفظي وما يقصده من النظام القرآني ، إضافةً إلى أنّ ذلك سيمكّنه من فهم الفكرة بشكلٍ عام . ولذلك فسوف نثبّت أولاً نصوص تلك القواعد .