responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : النظام القرآني نویسنده : عالم سبيط النيلي    جلد : 1  صفحه : 201


هناك إجابةً أخرى تفيد أنَّ النصّ الأول كُتِبَ بإشراف النبي ( ص ) . . إلاَّ أنَّ جميع ذلك يدخل تحت باب ( التواتر ) . فكلُّ همِّ العلماء هو إثبات أنَّ القرآن متواترٌ عن النبي ( ص ) .
إنّنا نلاحظ هنا تناقضاً جذرياً مع المبادئ الأساسية للدِّين الإلهي . فإنَّ دعوى التواتر تعني أنّنا لا نملك أي دليلٍ على أنَّ هذا النصَّ هو كلامُ الله تعالى سوى أنَّ الثقات ( المختلفين أصلاً في النصّ ) قد رووه عن النبي ( ص ) . فالقرآن وفق هذه النظرية يحتاجُ إلى إثباتٍ وقيامِ دليلٍ وحجّةٍ يتمّ بموجبها الاطمئنان إلى أنَّه كلام الله تعالى .
وهذا الأمر هو عكس ما ذكره القرآن نفسه وعكس ما وقع تماماً !
إذ ليس النبي ( ص ) هو الذي أثبت أنَّه كلام الله ، بل العكس تماماً . فالقرآن هو الذي أثبتَ أنَّ محمداً هو نبيٌّ مرسلٌ ، في حين أنَّ نظرية التواتر تُخبرنا أنَّ علينا أن نؤمن أنَّ القرآن كلامُ الله لأنَّ النبي أخبرنا بذلك . . فيحقُّ للشاكِّ أن يسأل : كيف عرفتم أنَّه عليه الصلاة والسلام نبيٌّ ؟ .
إنَّ الحقيقة التاريخية هي بخلاف التواتر . فالناس آمنوا بالرسول لأنَّه يملك معجزةً هي القرآن الكريم ، وبالتالي فالقرآن الكريم دليلٌ على الرسالة . وإذن فهو لا يحتاج إلى دليلٍ آخر . وعلى منطق الفلاسفة ومتكلِّمي المسلمين فإنَّ ذلك ( يلزم الدّور ) ، أي استمرار احتياج كلّ دليلٍ إلى دليلٍ آخر فيبطل كلّ شيء .
فأين ذهبت عبقرية علماء المسلمين حينما لم يكتشفوا ( الدور ) في هذه النظرية أربعة عشر قرناً ؟
لقد أدّت نظرية التواتر إلى ضعف الشخصية الإسلامية فكرياً من خلال القبول ( بالموقف الأضعف ) الذي وضعوا فيه القرآن ، إذ تحوّل من معجزةٍ قادرةٍ على إثبات الرسالة لمحمّدٍ ( ص ) إلى مجرّد ( نصٍّ ) يحتاج إلى أصحابه ( ص ) لإثبات أنَّه كلام الله .
إنَّ هذا التراجع ( لأهل القرآن ) لم يكن وليدَ صدفةٍ ولا ذهولٍ عن ( المنطق ) من عقولٍ كانت تكتشف التناقض في قول الخصم بمثل لمح البصر . إنَّما كان وليدَ مؤامرةٍ واسعة الأطراف ومحكمةٍ إحكاماً شديداً اشترك فيها بعض رجال الصدر الأول من المسلمين .
فهم الذين أخّروا إخراج النصّ القرآني لفترة ربع قرنٍ إلى عهد عثمان ، وهم

نام کتاب : النظام القرآني نویسنده : عالم سبيط النيلي    جلد : 1  صفحه : 201
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست