responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : النظام القرآني نویسنده : عالم سبيط النيلي    جلد : 1  صفحه : 192


ومن أقرَّ بجهلِهِ لكونه يعلم هذه الحقيقة التي تميّز بها الخالقُ عن المخلوق ، فهذا هو الذي عرف الله ، وتكون معرفته به بقدر إدراكه هذه الحقيقة وبقدر عجزه عن معرفة الخالق . فإقرارُ العالم بالجهلِ هو المعرفةُ بخلاف الذي يجهلُ ولا يدري لماذا يجهل أو يدَّعي أنَّه يعلمُ .
إنَّ النصوصَ الكثيرةَ في موضوع معرفة الخالق والقضاء والقدر تؤكّد كلّها هذه القضية الخطيرة التي غابت عن أذهان هذه الفئات . إذ زعمت أنَّها تقدِرُ على إدراك الخالق كذاتٍ أو موضوعٍ للبحث . وبعد ( تأمِّلها العميق ) واستغلالها جملةً من النصوص القرآنية والنبوية ، فقد أصبح من المحتّم لها أن تخرجَ بالنتيجة التي خرجت بها فعلاً وأخرجتها بصورٍ مختلفةٍ وتعابير متغايرة ، ولكنها نتيجةٌ واحدةٌ في المعنى وهي ( وحدة الخالق والمخلوق أو الحقّ والخلق ) . إذ يستحيل أن تتوصّل إلى هذا الهدف إلاَّ بتنزيل الخالق منزلة المخلوق .
إنَّ المنهج اللفظي كما ترى لا يُبطِلُ دعاوى هذه الفرق وحسب ، وإنَّما يتمكّن من تفسير طرقها في الوصول إلى تلك النتيجة الباطلة . ويأمل المنهج اللفظي من لعلماء والدارسين أن تكون تلك العبارات المقتضبة لها مدلولها عندهم لأنَّها تفتح لهم باباً جديداً في دراسة أصول الدِّين من جهةٍ وأصول هذه الفرق من جهةٍ أخرى . وقد كان على تلك الفرق بعد إنْ وضعت لنفسها هدفاً قصَّر الخلق كلّهم عنه وهو واقعٌ في دائرة المستحيل أن تبرِّرَ أشياءَ كثيرةً وأنْ تزوِّرَ المقولاتِ ، وأنْ تهتِكَ اللغةَ وقانونَها ، وأنْ تُخالفَ العُرف والمنطق ، لتأتيَ بآراءٍ منسجمةٍ أو متجانسةٍ ، وأصبح جوهر فكرها هو ( وثنية دينية ) إذا صحَّ التعبير عنها لم تختلف عن عبادة الأصنام إلاَّ في كون التجسّد الإلهي لعبدة الأصنام كان في أجسامٍ منحوتةٍ معدودةٍ ، في حين تجسّد الإله عند هذه الفرق في الموجودات كلّها . . . وأولها شخوصهم هم كما سيتبيّن بوضوحٍ من النموذج الذي يأتي قريباً ، والذي يمثِّلُ جوهر فكرتهم في ( الاتحاد ) أو ( التوحّد ) مع الذات الإلهية .
إنَّ المنهج اللفظي يقرّر في هذه المناسبة ، أنَّه يرى أن التنظيرَ للوثنية قد بلغ غايته على أيدي هؤلاء خلال جميع حُقب التاريخ البشري ، إذ أنَّه بلغ مرتبة عبادة الذات .

نام کتاب : النظام القرآني نویسنده : عالم سبيط النيلي    جلد : 1  صفحه : 192
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست