لموته ؟ إنَّ الفعلَ ( قدّمتُ ) لا يحتاج إلى ظرفٍ بعدما قال ( يا ليتني ) . فمن الواضح أنَّه نادمٌ على حياته الدُنيا إذ لم يقدّم فيها لحياته الأخرى .
أمَّا على قولهم فتصبح الآية مبتورةً وغامضةً كلّ الغموض ، فمن هو الذي أذِنَ لهم أن يفتروا على الله ويزعموا أن ( اللام ) هنا بمعنى ( في ) ؟ .
وماذا فعل علماء بني إسرائيل ليقول فيهم * ( يُحرِّفون الكَلِمَ مِنْ بَعدِ مَواضِعِه ) * ( المائدة 41 ) سوى ما هو من هذا النوع ؟ .
القاعدة الثالثة عشرة قاعدة مجيء ( اللام ) بمعنى ( على ) الشاهد القرآني : قوله تعالى :
* ( وَإذا مَسَّ الإنسَانَ الضُرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أو قَاعِداً أو قَائِما ) * ( يونس 12 ) والتقدير : ( دعانا على جنبه ) إنَّهُ لشيءٌ غريبٌ أن يعتقد النحويون أنَّ اللام هنا هي بمعنى ( على ) ، وكأنَّهم عجزوا عن إيجاد مخرجٍ من هذا المأزق ، إذ المريض لا ينامُ لجنبه بل ( على جنبه ) ! ! .
مرَّةً أخرى جعلوا الاستعمال المتوارث للألفاظ هو المقياس ، واعتقدوا أنَّ المرءَ لا ينام لجنبه وإنَّما ينام ( على جنبه ) .
لقد حدّد المنهج اللفظي لهذا الحرف قاعدةً وهي أنَّ هذا اللفظ ( على ) حينما يُستعملُ بين شيئين كظرف مكانٍ فهو يفرّق بين الشيئين : الشيء المستعلي والشيء المستعلى عليه . فلو قلت ( الكتابُ على الرفّ ) ، فالكتابُ شيء والرفّ شيءٌ آخرٌ منفصلٌ عنه .
ولكن حينما تُريدُ أن تصِفَ الكتابَ نفسه أنَّه ليس موضوعاً بصورةٍ صحيحةٍ على الرفِّ فإنّكَ ستقول ( الكتابُ على الرفّ لوجهه ) أي أنَّ وضعه بالمقلوب ، ولا تقول ( الكتابُ على الرفّ على وجهه ) لأنَّ وجه الكتاب جزءٌ منه .
فكيف يقول الله تعالى ( دعانا على جنبه ) . إذ أصبح الرجلُ ( الداعي ) منفصلاً عن جنبه ، وأصبح جَنبهُ كالسرير ، وهو عليه ، بينما مراد المتكلّم تعالى أن يصفَ وجهته وحركته حال الاستلقاء ؟ .
فلا بدَّ أن يقول ( لجنبهِ ) لا ( على جنبه ) .
وبالرغم من وضوح الفرق بين ( على ) وحرف ( اللام ) قال ابن هشام : إنَّ اللام