فيه وكذّبَ بعضهم بعضاً في روايته فضلاً عن معاني القرآن الذي تاهوا فيه أيُّما تيهٍ ليمكنه وضع قواعد صحيحة !
والمنهج لا يفهم هذه اللام حسب طريقتهم ، بل حسب ما يمليه عليه القرآن ونظامه . وهو يراها علامةً زمنيةً لإقامة الصلاة . فالتهيوء يبدأ قبل الدلوك ، والدلوك أصبح هاجساً زمنياً عند السامع ووقتاً ينتظره . فهو يتهيّأ للصلاة قبل الدلوك لموضع هذه اللام . وكلّما كان هاجس الترقّب أشدّ كلّما كان القرب أعظم وكلّما بكر بالترقّب يكون أفضل . فدلوك الشمس غايةٌ مرتقبةٌ لإقامة الصلاة ، وأفضل ما تقع صحيحةً هو في لحظة الدلوك نفسها لا قبلها ولا بعدها .
القاعدة الثانية عشرة قاعدة مجيء اللام بمعنى ( في ) الشاهد القرآني : قوله تعالى :
* ( يَا لَيتَني قَدَّمتُ لِحَيَاتي ) * ( الفجر 24 ) والتقدير : ( يا ليتني قدّمت في حياتي ) لقد جعلوا ( الحياة الدنيا ) هي حياته التي يأسف أنَّه لم يقدّم فيها .
والحقّ أنَّه قدّم فيها وترك حياته الحقيقية ولولا ذلك لما ندم كلّ هذه الندامة ، لكنّه أصبح عند النحويين نادماً على حياته الدنيا ! فلماذا يندم ؟ . . لا ندري ! ! .
أَتراهم نسوا أنَّ الله تعالى يقول :
* ( وَإنَّ الدارَ الآخرةَ لَهيَ الحَيَوان ) * ( العنكبوت 64 ) أم ظنّوا أنَّ قوله حياتي لا ينطبق إلاَّ على حياته الماضية فَسَألوا كيف يقدِّمُ لها ؟
ولمَّا أعياهم الجواب لهذه المعضلة قدّروا أنَّ اللام هنا هي بمعنى ( في ) ، وتحوّل قوله تعالى من ( يا ليتني قدَّمتُ لحياتي ) إلى ( يا ليتني قدّمتُ في حياتي ) ، وانتهت المعضلة من ثمَّ إلى آخر الدهر ! .
أَلم يروا أنَّه لا يقول هذه العبارة إلاَّ عند الحساب ؟ ألم يروا أنَّه يقول :
* ( يَومَئِذٍ يتذَكَّرُ الإنسَانُ وأنَّى له الذِكرى يَقولُ يَا لَيتَني قَدَّمتُ لِحَيَاتي ) * ( الفجر 24 ) أَيرى النحويون أنَّه في هذا الموقف يفكّر بحياته الماضية أم الحاضرة الآتية ؟
حسناً . . إذا كان نادماً على أنَّه لم يقدّم في حياته فلمن يريد أن يقدّم ؟ أَيُقدِّم في حياته