القاعدة الثامنة قاعدة مجيء ( إلى ) بمعنى ( في ) وضع هذه القاعدة ابن مالك ، وشاهده من القرآن هو قوله تعالى :
* ( لِيَجمَعَنَّكُم إلى يَومِ القيامَة ) * ( الأنعام 12 ) حيث قدّره بهذه الصورة ( ليجمعنّكم في يوم القيامة ) / ( المغني / 195 ) .
وهذا كما ترى مثل قولهم أنَّ اللام تأتي بمعنى ( في ) أيضاً في قوله تعالى :
* ( وَنَضَعُ المَوازين القِسطَ لِيَومِ القِيامَة ) * ( الأنبياء 47 ) وهو ما أوضحناه سابقاً .
نحنُ نكاد نجزم أنَّ أسوأ قواعد لغوية وُضِعَت في تاريخ لغات العالم هي قواعد اللغة العربية ، وهذا بعكس ما أنتم مؤمنون به عادةً . حيثُ أنَّ علماء اللغة في اللغات الأخرى لا يضعون قاعدةً إلاَّ بعد استقراء الشواهد كلّها بلا استثناء ، ومعرفة مواقع الكلام ، وغاية الجملة . وعند حصول الشذوذ فسيُلاحظُ فيما إذا كان المتكلّم قد تعمّد ذلك لإعطاء بعدٍ آخر لكلامه . فاللفظ نفسه لا يتغيّر معناه ، وإنَّما تتغيّر المعاني الكلّية عند اقترانه بصورةٍ تبدو شاذةً - وهذا هو المنطق الصحيح ، لأنَّ مفردة ( إلى ) تظلُّ هي ( إلى ) ، ولن تكون ( في ) لا بمشيئة ابن مالكٍ ولا غيره .
هو يتخيَّل أنَّ الجمع هو في يوم القيامة - وهو فعلاً في يوم القيامة - ولكن ما أدراه إنْ كان سيبدأ قبل ألف سنةٍ مثلاً حتى إذا جاء يوم القيامة يكون الجمع قد تمّ ؟ فتقع ( إلى ) في موضعها الصحيح مشيرةً إلى الكيفية وأمد الجمع ، ولا علاقة لها بالظرف .
ألا يتساءل ابن مالك : ما هي حاجة الظرف لحرف جرٍّ ؟ وهل يكون الكلام بليغاً عند ذلك ؟ كيف ؟ ! والكلامُ تامٌّ بدون ( إلى ) لو أراد أن يكون معناها ( في ) . إذ يتمُّ الكلام بقوله ( ليجمعنّكم يومَ القيامة ) بنصب ( يوم ) على الظرفية . نعم . . في مثل هذه الموارد يقولون إمَّا ( زائدة ) أو يبدِّلونها بمفردةٍ أخرى ليستقيم المعنى .
من مئات السنين ولا زالوا يقولون في القُرى : ( اجمع الناس إلى يوم الخميس فإنّي سأصنع لهم طعاماً ) . فهل يقصدون في يوم الخميس ؟ كلاّ . . لأنَّه يكفي عندها القول : ( اجمع الناس يوم الخميس ) بغير ( في ) أو ( إلى ) .