ثالثاً للزمان ، إذ تكون الحقائق مطابقةً للنظام القرآني في جميع أدوارها وأزمانها . فهو يوحّد الرؤية الصحيحة للأشياء ويمكِّن من إعطاء تفسيرٍ موحّدٍ لها . وهذا أمرٌ قد سعى إليه طويلاً العلم الحديث ولا زال يسعى ولكن دون جدوى .
فهذا المبدأ يحتّم على الباحث الإعلان عن النظام القرآني لتوجيه الأنظار إليه ولقطع الطريق على محاولات الاستدلال على القرآن عن طريق العلم ، ويؤكّد بدلاً من ذلك على ضرورة القيام بعملٍ معكوسٍ وهو عرض العلوم كلّها على النظام القرآني ليقوم بتهذيبها وجمعها وإزالة التناقض فيما بينها .
د . حُكمُهُ على السُنَّة يؤمن هذا المنهج ( وذلك بعد كشفه عن النظام القرآني ) بوجوب عرض السنّة على القران ، وتنفيذ النصوص التي أكّدت على ذلك من السنّة ذاتها كقولهم ( ع ) : ( يُعرضُ الحديثُ على كتاب الله فما وافقه فيؤخذُ به وما خالفهُ فيُضرَبُ به عرض الحائط ) . وهي نصوصٌ معطَّلةٌ للأسف بسبب ما تعارف عليه العلماءُ من أن السنّة تفسّر القرآن ، بينما تؤكّد النصوص على ضرورة جعل القرآن حاكماً عليها ومصحّحاً لمتونها .
ولذلك فإنّ المنهج اللفظي يعتبر المنهج التفسيري المسمّى ب ( تفسير القرآن بالسنّة ) منهجاً باطلاً .
ويوضّح ذلك بثلاث نقاطٍ :
الأولى : إن السنة المفسّرة للقرآن ما هي إلاّ مفاتيح تُعينُ المتدبّر للقرآن وليست هي التدبّر ، وهي بمثابة علامات ودلالات تمكّن الباحث من التأكّد من صحّة نتائج التدبّر وتُضيفُ له بعداً آخرَ أو تفتح له طريقاً آخرَ للتدبّر . فهي نصوصٌ لا تفسّر القرآن وإنّما تشير إلى أبواب تفسيره .
ولذلك فإن الجهل بالنظام القرآني يجعل منها مفاتيح لا نفعَ فيها ، بل ستكون وبالاً على من يحاول استعمالها ، لأنّ السنّة يحكمُها نظامٌ لفظيٌّ كالنظام القرآني ( مع اختلافٍ جوهريٍّ نذكره في موضعه ) . فهي من هذه الجهة مشابهةٌ للقرآن في كونها غيرُ مختلفةٍ ولا متناقضةٍ ، والجهل بنظامه ونظامها يجعل الأخطاء مركّبةً ومتراكبة .