بارعين بالنحو . وإذا قُبِلَ هذا التخريج في هذه الآية ، فماذا نفعل بالتحريف الذي لا دواءَ له في الآيات الأخرى في هذا الباب فضلاً عن جميع الأبواب والمسائل ؟
والسؤال الأهم : إذا كان ذلك مفهوماً على هذا النحو ، فلماذا صامَت الأمة الإسلامية جوازاً في السفر ؟ ولماذا اختلفوا في هذا الأمر ؟ وما هي الضرورة لهذا التقدير المحذوف إذا كان لا يُفطر إلاَّ بحدٍّ ترخِّصه السنَّة ؟ ، لأنَّه سيكون كلاماً زائداً لو أعِدناه إلى مكانه ، ولن تكون فيه فائدة ! . فكأنَّ المدافعَ لا بدَّ أن يرجع إلى ما قلناه من إحكام الآية وعدم وجود مقدَّرٍ محذوفٍ فيها .
لقد بلغت الجرأة ببعض النحويين درجةَ أن يغيِّروا الآية نفسها على شاهدٍ على القاعدة . نعم . . لقد فعلوا ذلك كما في هذه الواقعة :
فلغرض إثبات أنَّ الاسم الموصول يجيء كمبتدأ قال الأخفش في قوله تعالى :
* ( ولِلذينَ يَموتونَ وَهُمْ كُفَّارٌ ) * ( النساء 18 ) قال : ( اللام ) للابتداء و ( الذين ) مبتدأ خبره الجملة بعده .
وردَّ عليه النحاة قائلين : إنَّ رسمَ المُصحفِ هو ( ولا الذين ) وليس ( وللذين ) وأنّها بشكل ( لا ) .
ذكر ذلك صاحب المغني - ( المغني / 2 / 595 ) - والعجيب أنَّهم لاذوا برسم المصحف مع أنَّ الآية يستحيل أن تكون كذلك . وما يدريك أن لو كان هناك مصحفٌ لا تظهر فيه ألف ( لا ) لاعتبروا المسألة محسومةً والقاعدةَ ثابتةً ! .
الحقُّ نقولُ لكم نحن نشكُّ في إخلاصِ هؤلاء النحويين والمفسِّرين للقرآن ولا يعني شكُّنا عامتهم .
القاعدة السابعة قاعدة مجيء كان وأخواتها تامّة لو قلتَ : ( كان زيدٌ أستاذاً ) فإنَّ الجملة تشبه قولك : ( جاء زيدٌ أستاذاً ) حيثُ لا تجدُ فرقاً بين عمل الفعلين ( كان وجاء ) ، فعملهما هنا يشبه عمل الفعل اللازم . ولو قلتَ : ( جاء زيدٌ ) فالجملةُ تامّةٌ ، بينما لا تكون الجملة ( كان زيدٌ ) ذات معنى . وبالمقارنة مع الفعل المتعدّي يظهر نقصان جملة ( كان ) أكثر من ذلك .