responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : النظام القرآني نویسنده : عالم سبيط النيلي    جلد : 1  صفحه : 147


إذ زعمَ أنّ البأس قبل الإهلاك ، إذ لا يُعقلُ أن يأتيَّ البأسُ بعدما أُهلِكوا . . وإذن فالفاء لا تفيد الترتيب .
وقد نقضَ النحاةُ قول الفرّاء بتقدير الآيةِ هكذا : ( وكم من قريةٍ أردنا إهلاكها فجاءها بأسنا ) . وذلك لإخراج الإهلاك عن كونه واقعاً إلى كونه ( إرادةً ) مجرّدةً . وإذن فهناك فعلٌ آخرٌ مقدَّرٌ على طريقتهم : ( فجاءها بأسنا فأُهلِكت ) وبهذه الطريقة يرجع الترتيب للفاء .
لقد أخرج الترتيب الجديد الفعلَ ( أهلكناها ) من كونه فعل ماضٍ يفيد وقوع الهلاك إلى ( إرادة ) لا زالت غير متحقّقة قبل مجيء البأس .
أتدري لِمَ يَحدِث مثل ذلك ؟ لأنَّ المعنى الاصطلاحي للفعل ( هلك ) هو المعنى الوحيد في أذهانهم ، إذ تخيّلوا أنَّ عملَ هذا الفعل هو القضاء على القوم بالضربة القاضية مرّةً واحدةً ، في حين أنّ الإهلاك هو فعلٌ بطيء الحركة لأنّه إنهاكٌ حتى الموت ، وقد استُعمِلَ في القرآن لهذا المعنى وحسب . قال تعالى عن يوسف ( ع ) :
* ( حَتّى إذا هَلَكَ قُلتُم لَنْ يَبعَثَ اللهُ مِنْ بَعدِهِ رَسُولا ) * ( غافر 34 ) وقال أخوته لأبيهم :
* ( أو تكونَ مِنَ الهَالِكين ) * ( يوسف 85 ) تنبيهاً له إلى أنّ الحزن على يوسفَ ( ع ) يؤدّي إلى الهلاك . ومعلومٌ أنَّ الحزنَ لا يفعلُ ذلك إلاَّ بعد مرور زمنٍ طويلٍ . والفعل المتعدّي ( أهلَكَ ) يفيد توفير الأسباب المؤدّية للهلاك . فقوله تعالى ( أهلكناهم ) يعلم منه أنه سبحانه شملهم بأنواعٍ من العذاب قبل مجيء البأس ، المشتق منه ( البأساء ) والذي يتضمّن أنواعاً أخرى من العذاب السريع . فالأول مثل ( السنين ) ونقص الأموال والثمرات والآيات لإتمام الحجّة عليهم ولعلّهم يتضرّعون ، والثاني هو الذي يؤدّي إلى إبادتهم وقطع دابرهم وهو البأس .
فالتقدير ( أردنا ) الذي أضافوه من مخيلتهم خاطئٌ ، والردّ عليه خاطئٌ أيضاً ، والشاهد الذي ساقه الفرّاء متوهّمٌ فيه أيضاً .
وقد كان لتلك المناقشات أن تؤدّي إلى كشفٍ لأسرار القرآن ومعجزاته ونظامه لو كانت الغاية هي معرفة تلك الحقائق ، بل لو كانت حقّاً لوضعِ القواعد .

نام کتاب : النظام القرآني نویسنده : عالم سبيط النيلي    جلد : 1  صفحه : 147
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست