responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : النظام القرآني نویسنده : عالم سبيط النيلي    جلد : 1  صفحه : 143


إنَّ المنهج اللفظي إذ يكشف عن النظام الهندسي في القرآن فإنَّه سيكون بلا شكٍّ بديلاً لكلّ تنظيرٍ سوفسطائي في أي ميدانٍ من تلك الميادين ، لأَنَّه النظام المحكمُ الصارمُ من جهةٍ ، والمفتوح إلى ما لا نهايةٍ من جهةٍ أخرى ، والأمين على الحقائق كلّها من جهةٍ ثالثةٍ . فهو نظامٌ جامعٌ غير مفرّقٍ ، مهذِّبٌ لا مكثِّر ، موضّحٌ لا معمّي ، كلّ شيءٍ محتاجٌ إليه ، وهو غنيّ عن كلّ شيء ، وكلّ علمٍ وأدبٍ وبلاغةٍ يرجع إليه ولا يرجع هو إلى أيّ علمٍ ، وكلّ لسانٍ يتحاكم إليه ولا يحكمه لسان . في كتابٍ عجيبٍ أعجبُ من السماوات والأرض وأوسع منهما فلا بدّ أنْ يرجعَ إليه الجميع ، فيؤوب إليه الآبقُ ، ويرجع السابقُ ، ويُلازم اللاحقُ ، إذ يجدُ كلٌّ منهم فيه دواءً لدائه ، وسِتراً لعورائِهِ ، وردَّاً لبلائِهِ ، ويُسراً لعُسرِهِ ، وكشفاً لكربِهِ ، ونصيراً له في حربِهِ ، وحجَّةً له أمامَ خصمِهِ ، ونَغَماً لِسمعِهِ ، وطيباً لشمّهِ ، وحُكماً لقضائِهِ ، وسلّماً لعليائِهِ ، وإمضاءً لقضائِهِ ، ومبصِّراً لِغَدِهِ وأمسِهِ ، ونديماً لأنسِهِ ، ومعلّلاً لعلّتِهِ ، ورافعاً عند سكرتِهِ ، ومشيّعاً عند جنازتِهِ ، وحارساً في رمسِهِ ، ومبشّراً في نشرِهِ ، وقريناً له عند حشرِهِ ، وشاهداً إذا اضطُرَّ للحساب ، ومُدلاًّ على الأسباب ، وقائداً إلى اللُباب ، ذلك هو الكتاب لا ريب فيه هدىً للمتّقين ولكنَّ أكثر الناس لا يعلمون .
إنَّ كتاباً هذه صفاته لا يمكن بأيِّ حالٍ من الأحوال أنَّ يكون محكوماً بأيّة قواعد نحويةٍ كائناً من كان واضعها . فهل يضع الكيميائي صيغ التفاعلات ومقاديرها فتخضع له العناصر وتنفّذ هي ما يُريده هو أم أنَّه يلاحظ ما تفعلُ وكيف تتّحدُ وتتحرّرُ ويضع هو القواعد والصيغ على ضوء ما تفعلُ ؟ . نعم . . إنَّه يكشف عن قواعد ذاتيةٍ وداخليةٍ لعناصر المادة وهو يتوسّل إليها باختباراته لتكشف له عن أسرارها . وهل يضع عالم الوراثة هندسة الوراثة فتفعل الجينات والأحماضُ بما يُخطّطُ لها أم أنها هي صاحبة الخطط والقوانين ؟ وما عليه إلاَّ أنَّ يبحث ويكبّر كلّ يومٍ عدسة المجهر ليرى ما تفعلُ ثمَّ يصوغ قوانين هندستها .
إنَّ النظام الطبيعي منشأه هو الله تعالى ، والنظام القرآني هو كلام الله وهو أكرم وأعلى درجةً من المخلوقات . ولو كان العلماء في جميع العلوم قد فعلوا مثل ما فعل النحويون واللغويون بكلام الله ، لكانوا أحمق الخلق ، ولَمَا توصّلوا إلى شيءٍ من الحقّ .

نام کتاب : النظام القرآني نویسنده : عالم سبيط النيلي    جلد : 1  صفحه : 143
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست