البدن من النطفة إلى النزع الأخير إنَّمَا مصدرُهُ الغذاء وهو من تراب الأرض . وقد نسوا هذه الحقيقة وعجبوا من الخلق من ترابٍ فنسبوه لآدمَ ( ع ) وحده ( وهم ذرّيته ) ، فكأنَّ الذرّية ليست من ترابٍ .
كلّ ذلك والآية واضحةٌ لأنَّها تتحدّث عن سلسلة التخليق للأجنّة في الأرحام والخطاب فيها للمجموع مستمرٌ للنهاية :
* ( يَا أيُّهَا النَاسُ إنْ كُنتُم في رَيبٍ من البعثِ فإنَّا خَلَقنَاكُم مِن تُرَابٍ ثمَّ مِن نُطفَةٍ ثُمَّ مِن عَلَقَةٍ مخلّقَةٍ وَغَيرُ مُخلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُم وَنُقِرُّ في الأرحَامِ مَا نَشَاءُ إلى أجَلٍ مُسَمّى ثُمَّ نُخرِجُكُم طِفلاً ثُمَّ لِتَبلُغوا أشُدَّكُم وَمِنكُم مَن يُتَوَفّى وَمِنكُم مَن يُردُّ إلى أرذَلِ العُمُر . . ) * ( الحج 5 ) الآية التاسعة : قوله تعالى :
* ( أوَ مَنْ كَانَ مَيتاً فَأحيينَاه وَجَعَلنَا لَهُ نُوراً يَمشي بِهِ ) * ( الأنعام 122 ) قال الشيخ : ( اختلفوا في من نزلت هذه الآية : قال عكرمة نزلت في عمّار وأبي جهل . وقال الزجاج : نزلت في النبي وأبي جهلٍ . وقال الضحّاك : نزلت في عُمر . وقال الباقون : في كلّ مؤمنٍ وكافرٍ . قالوا : والميّت هو الكافر لأَنَّه وصفهم " أمواتٌ غيرُ أحياء " .
والمعنى : من كان ميتاً بالكفر فصار حيّاً بالإسلام بعد الكفر كالمصرِّ على كفره ) ! ! - التبيان / 4 / 259 .
المنهج : يقول المنهج :
1 . فسّروا الموتَ بالكفرِ فقالوا ( من كان ميتاً فأحييناه ) ، وزعموا أنّها نزلت في النبي ( ص ) . فكأنّهم قالوا : ( كان كافراً وأحياه بالإسلام ) . وهذا اعتداءٌ على مقامه ( ص ) لأَنَّه ( ص ) ما كان كافراً ، بل كان نوراً متقلباً في الساجدين فلا حول ولا قوّة إلاَّ بالله .
2 . نسوا قوله تعالى :
* ( إنَّ الّذينَ كَفَروا سَواءٌ عَلَيهم ءأنذَرتَهُم أم لَم تُنذِرهُم لا يؤمنون ) * ( البقرة 6 ) وهي قاعدةٌ تفيد بوضوحٍ أنَّ الكافر لا يكون مؤمناً قط .
نعم . . لم يحسنوا الربط بين هذه الآية ( آية الأنعام ) وآية ( أمواتٌ غير أحياء ) فخلطوا الحابل بالنابل .