إذ يرى المنهج أنَّه لا فائدة من الاعتقاد أنَّ القرآن هو كلام الله تعالى من جهةٍ والتعامل معه على أنَّه يجري مجرى كلام الخلق في ( قواعده وأساليبه ) من جهةٍ أخرى . إذ النتيجة المتحصّلة في النهاية أنَّه مثل كلام المخلوقين .
لقد أنتج هذا التعامل إشكالات أخرى ومسلّمات عقائدية يعدُّها هذا المنهج من أركان الكفر يأتي بعضُها لاحقاً .
فلنلاحظ الآن التراكيب القرآنية التي زعموا أنّها بالمقلوب :
1 . قوله تعالى :
* ( مَاءٍ دَافِقٍ ) * ( الطارق 6 ) حيث زعم أنّها صيغة فاعل بمعنى مفعول : أي ماء مدفوق .
فلماذا زعم ذلك والدافق اسم فاعلٍ يأتي كصفةٍ للفاعل مثله مثل أيّ اسم فاعلٍ يعمل كصفة مثل ( رجل تاجر ) و ( سيف ضارب ) و ( زورق غارق ) ؟ . . فإذا كان يزعم أنَّ الماء ليست له قدرة على التدفّق بمفرده فلذلك يكون ( مدفوقاً ) بدلاً من ( دافقٍ ) ، فلماذا لا يغيّر اللغة كلّها ؟ . . فهناك آلاف الاستعمالات من هذا النوع . . فهل يجوز أنَّ يقول ( سيف مضروب ) و ( زورق مغرق ) باعتبار أنَّ السيف والزورق لا يفعلان ذلك من تلقاء نفسيهما ؟ .
إنَّ المنهج يجهد نفسه للعثور على المسوغ لهذا الكلام أكثر ممّا يصرف من الجهد للردّ عليه . . فلا يجد إجابةً . . ! ! إلاَّ الإجابة نفسها ! .
أم ترى المفسّر قد ارتبط ذهنه بعملية الجُماع فظنَّ أنَّ الماء الدافق هو ماء الرجل وهو لا يتدفّق من تلقاء نفسه ؟ ! .
فإنْ كان كذلك فالأمر هو بالعكس . . فهذا اللفظ ( دافق ) مطابقٌ لحالة غياب الإرادة كاملةً كما في ( الاحتلام ) أو جزئياً كما في ( الجماع ) . ويكون التدفّق من فعل الماء نفسه . لكن ما أدراه أيُّ ماءٍ خُلِقَ منه الإنسان ؟ إذ كلّ ماءٍ هو دافقٌ . فالنظرة العابرة للماء الطبيعي وحركته في الطبيعة ، ودخوله في تراكيب الأحياء جميعاً والأرض والصخور * ( وَإنَّ مِنَ الحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنهُ الأنهَارُ وإنَّ مِنها لَمَا يَشقَّقُ فَيَخرُجُ مِنهُ المَاءُ ) * ( البقرة 74 ) ، واعتماد الكائنات الحية عليه شرباً ومصّاً وكرعاً باختلاف أنواعها ، وحركته الدائبة من الأرض إلى السماء إلى الأرض والبحار ، وتياراته الجارفة في الوديان وروافد الأنهار ، وتفجّره من داخل الأرض . . كلّ هذا كافٍ لتبيين فعله الذاتي في التدفّق . وفي كلّ ذلك وردت آياتٌ قرآنيةٌ تصف تلك الخصائص للماء .
وهو أيضاً يشكّل نسبة ( 75 % ) من تكوين جميع الخلايا للكائنات ، وهو الوسط