القادر على إمدادها بالحياة والبقاء ، وبه قوامها وعملياتها الحيوية . . وكل ذلك يُثبتُ أنَّ للماء قوّةً ذاتيةً على التدفّق وفق ناموسٍ وضعه الله تعالى .
فما الذي جعلهم يغيّرون كلام الله ؟ فأحدهم يقول عن ( الشجرة إذا أتت أكلها ) أن هذا مجاز ، والآخر لم يقدر أنَّ يقول أنَّ ( ماء دافق ) مجازٌ ، فيقول أنّه فاعلٌ بمعنى مفعول والدافق بمعنى المدفوق . . . !
أهو تفسيرٌ حقّاً أم هو رغبةٌ في التغيير ؟ !
2 . قوله تعالى : * ( حِجَابَاً مَستورا ) * ( الإسراء 45 ) حيث قال : ( هو مستور بمعنى " ساتر " ) .
وقد أوضحنا هذا المثال سابقاً في معرض شرحنا لقواعد المنهج اللفظي كشاهدٍ على تغيير صيغة اللفظ عندهم ، الأمر الذي لا يجيزه هذا المنهج . وقلنا أنَّ ( الحجاب ) هو لفظٌ يفيد صفة الستر فلا يكّرر الصفة نفسها فيقول ( حجاباً ساتراً ) ، لأنَّ المعنى سيكون ( حجاباً حاجباً ) أو ( ستاراً ساتراً ) .
وإنَّما أراد سبحانه وتعالى وصف الحجاب على أنَّه لا يُرى ليقطع الطريق على منكر وجوده فقال ( مستوراً ) . فالحجاب ذاته محجوبٌ أو مستورٌ عن رؤيتهم .
* ( وإذا قَرَأتَ القُرآنَ جَعَلنَا بَينَك وَبَينَ الذينَ لا يُؤمِنونَ بالآخِرَةِ حِجَابَاً مَستورا ) * ( الإسراء 45 ) فلماذا جعلوا صيغة المفعول هنا بمعنى الفاعل ، بينما جعلوا في ( ماءٍ دافقٍ ) صيغة الفاعل بمعنى المفعول ! . .
نعود فنسأل : أهو حقاً تفسيرٌ وشرحٌ لمشكل القرآن ( واستخراج كنوزٍ لغويةٍ ) أم هو ولعٌ بقلب الأشياء وخاصةً في القرآن الكريم ؟ !
3 . قوله تعالى : * ( عَيشَةٍ رَاضِية ) * ( الحاقة 21 ) قال : ( وهو فاعل بمعنى مفعول أي عيشة مرضية ) .
لقد تخيّلَ أنَّ العيشة هي اسمٌ لشيءٍ لا حقيقة له ، أو هي اسمٌ منفصلٌ عن العائش أو هي اسمٌ لجمادٍ ، فلا يمكن أنَّ تكون ( راضية ) لأنَّها غير عاقلة ، وعليه فهي مرضية من قبل العائش .
لكن هذه المفردة تتضمّن العائش لأنَّها مرتبطة به فهي ليست كأيِّ لفظٍ آخر ، مثل ( بستان ) يموت صاحبه ويبقى هو ، لأنَّ العيشة تنتهي بالعائش ، فهي اسمٌ لحياة الكائن الحي العاقل وقد اقترنت قرآنياً بالخَلْقِ ذوي العقول والشعور والتمييز . فيمكن أنَّ تقول عاش الرجل عيشةً مرضيةً وعيشةً راضيةً .