* ( يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ « الاية : 42 .
في الاية دلالة على أن الاستطاعة قبل الفعل ، لأنهم لا يخلون من أحد أمرين :
اما أن يكونوا مستطيعين من الخروج وقادرين عليه ولم يخرجوا ، أو لم يكونوا قادرين عليه . وانما حلفوا أنهم لو قدروا في المستقبل لخرجوا .
فإن كان الاول فقد ثبت أن القدرة قبل الفعل ، وان كان المراد الثاني فقد أكذبهم اللَّه في ذلك ، وبين أنه لو فعل لهم الاستطاعة لما خرجوا .
وفي ذلك أيضا تقدم القدرة على المقدور ، وليس لهم أن يحملوا الاستطاعة على آلة السفر وعدة الجهاد ، لان ذلك ترك الظاهر من غير ضرورة ، فان حقيقة الاستطاعة القدرة ، وانما يشبه غيرها بها على ضرب من المجاز .
فصل : قوله « عَفَا اللَّه عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ » الاية : 43 .
قال أبو علي : في الاية دلالة على أن النبي عليه السّلام كان وقع منه ذنب في هذا الاذن ، قال : لأنه لا يجوز أن يقال : لم فعلت ما جعلت لك فعله ؟ كما لا يجوز أن يقول : لم فعلت ما أمرتك بفعله .
وهذا الذي ذكره غير صحيح ، لان قوله « عفى اللَّه عنك » انما هي كلمة عتب له عليه السّلام لم فعل ما كان الاولى به ألا يفعله ، لأنه وان كان له فعله من حيث لم يكن محظورا ، فان الاولى ألا يفعله ، كما يقول القائل لغيره إذا رآه يعاتب أخا له : لم عاتبته وكلمته بما يشق عليه ؟ وان كان له معاتبته وكلامه بما يثقل عليه .
وكيف يكون معصية ؟ وقد قال اللَّه في موضع آخر « فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ » « 1 » .
فصل : قوله « لا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّه والْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ يُجاهِدُوا بِأَمْوالِهِمْ وأَنْفُسِهِمْ واللَّه عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ » الاية : 44 .