يذهب عن القلوب بحلاوة الايمان ونور الإسلام ، كما يذهب الصدى بنور السيف وصفاء المرآة ، ولما صاروا عند أمر اللَّه لهم بالايمان الى الكفر جاز أن يضيف الطبع الى نفسه ، كما قال « فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ » « 1 » وان كان السورة لم تزدهم ذلك .
فصل : قوله « وما وَجَدْنا لأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وإِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ » الاية : 102 .
فان قيل : كيف قال « أكثرهم لفاسقين » وهم كلهم فاسقون ؟
قيل : يجوز أن يكون الرجل عدلا في دينه غير متهتك ولا مرتكب لما يعتقد قبحه وتحريمه ، فيكون تأويل الاية : وما وجدنا أكثرهم مع كفره الا فاسقا في دينه غير لازم لشريعته خائنا للعهد قليل الوفاء ، وان كانا واجبين « 2 » عليه في دينه .
وفيها دلالة على أنه يكون في الكفار من يفي بعهده ووعده وبعيد من الخلف وان كان كافرا ، وكذلك قد يكون منهم المتدين الذي لا يرى أن يأتي ما هو فسق في دينه ، كالغصب والظلم ، فأخبر تعالى أنهم مع كفرهم كانوا لا وفاء لهم ولا تدين بمذهبهم بل كانوا يفعلون ما هو فسق عندهم ، وذلك يدل على صحة قول من يقول : تجوز شهادة أهل الذمة في بعض المواضع .
فصل : قوله « فَأَلْقى عَصاه فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ . ونَزَعَ يَدَه فَإِذا هِيَ بَيْضاءُ لِلنَّاظِرِينَ » الاية : 107 - 108 .
العصى : العود كالقضيب يابس ، وأصله الامتناع ليبسه ، يقال عصى يعصي إذا امتنع قال الشاعر :