ما يجوز الأكل من الميتة حال الضرورة
حكم من ترك التسمية على الذبيحة
قوله « إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْه » معناه : الا إذا خفتم على نفوسكم « 1 » الهلاك من الجوع وترك التناول ، فحينئذ يجوز لكم تناول ما حرمه اللَّه في قوله « حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ والدَّمُ ولَحْمُ الْخِنْزِيرِ » « 2 » وما حرمه في هذه الاية .واختلفوا في مقدار ما يسوغ له حينئذ تناوله ، فعندنا لا يجوز له أن يتناول الا ما يمسك الرمق ، وفي الناس من قال : يجوز له أن يشبع منه إذا اضطر اليه ، وأن يحمل منها معه حتى يجد ما يأكل .
قال الجبائي : في الاية دلالة على أن ما يكره عليه من أكل هذه الأجناس أنه يجوز له أكله ، لان المكره يخاف على نفسه مثل المضطر .
فصل : قوله « ولا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّه عَلَيْه وإِنَّه لَفِسْقٌ وإِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ » الاية : 121 .
نهى اللَّه تعالى في هذه الاية عن أكل ما لم يذكر اسم اللَّه عليه ، وذلك صريح في وجوب التسمية على الذبيحة ، لأنها لو لم تكن واجبة لكان ترك التسمية غير محرم لها .
فأما من ترك التسمية ناسيا ، فمذهبنا أنه يجوز أن يؤكل ذبيحته بعد أن يكون معتقدا لوجوبها . وكان الحسن يقول : يجوز له أن يأكل منها . قال ابن سيرين :
لا يجوز أن يأكل منها ، وبه قال الجبائي .
فأما إذا تركها متعمدا ، فعندنا لا يجوز أكله بحال ، وفيه خلاف بين الفقهاء فقال قوم : إذا كان تارك التسمية متعمدا من المسلمين جاز أكل ذبيحته . وقال آخرون : لا يجوز أكلها كما قلناه .
وذلك يدل على أن ما يذبحه أهل الكتاب لا يجوز أكله ، لأنهم لا يعتقدون