وجوب التسمية ولا يذكرونها ، ومن ذكر اسم اللَّه منهم فإنما يقصد به اسم من أبد شرعهم ولم يبعث محمدا صلَّى اللَّه عليه وآله بل كذبه ، وذلك ليس هو اللَّه ، فلا يجوز أكل ذبيحتهم : ولأنهم لا يعرفون اللَّه ، فلا يصح منهم القصد الى ذكر اسمه .
فأما من عدا أهل الكتاب ، فلا خلاف في تحريم ما يذبحونه .
وليست الاية منسوخة ولا شيء منها ، ومن ادعى نسخ شيء منها فعليه الدلالة وقال الحسن وعكرمة : نسخ منها ذبائح الذين أوتوا الكتاب بقوله « وطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ » « 1 » وعندنا أن ذلك مخصوص بالحبوب دون الذبائح .
فصل : قوله « وكَذلِكَ جَعَلْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكابِرَ مُجْرِمِيها لِيَمْكُرُوا فِيها » الاية :
123 .
معنى قوله « * ( وكَذلِكَ جَعَلْنا ) * » أي : جعلنا ذا المكر من المجرمين ، كما جعلنا ذا النور من المؤمنين ، فكما فعلنا بهؤلاء فعلنا بأولئك ، الا أن أولئك اهتدوا بحسن اختيارهم ، وهؤلاء ضلوا بسوء اختيارهم ، لان كل واحد منهم جعل بمعنى صار به كذا ، الا أن الاول باللطف ، والثاني بالتمكين من المكر ، فصار كأنه جعل كذا .
وقوله « ليمكروا فيها » اللام لام العاقبة ، كما قال « فَالْتَقَطَه آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وحَزَناً » « 2 » وقال الشاعر :
فاقسم لو قتلوا مالكا لكنت لهم حية راصدة وام سماك فلا تجزعي فللموت ما تلد الوالدة وليس المراد بها لام الغرض ، لأنه تعالى لا يريد أن يمكروا وقد قال « وما خَلَقْتُ الْجِنَّ والإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ » « 3 » وارادة القبيح قبيحة .