وجوب التسمية على الذبيحة
دلالة الآية حرمة ذبائح الكفار
باسم القديم ، أو باسم القادر لنفسه ، أو العالم لنفسه ، أو ما يجري مجرى ذلك ، والاول مجمع على جوازه ، والظاهر يقتضي جواز غيره ، ولقوله « قُلِ ادْعُوا اللَّه أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَه الأَسْماءُ الْحُسْنى » « 1 » .وقوله « فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّه عَلَيْه » خطاب للمؤمنين . وفيه دلالة على وجوب التسمية على الذبيحة ، لأن الظاهر يقتضي أن ما لا يسمى عليه لا يجوز أكله بدلالة قوله « إِنْ كُنْتُمْ بِآياتِه مُؤْمِنِينَ » لان هذا يقتضي مخالفة المشركين في أكلهم ما لم يذكر اسم اللَّه ، فأما من لم يذكر اسم اللَّه عليه سهوا ونسيانا . فانه يجوز أكله على كل حال .
والاية تدل على أن ذبائح الكفار لا يجوز أكلها ، لأنهم لا يسمون اللَّه عليها ، ومن سمى منهم لا يعتقد وجوب ذلك ، بل يعتقد أن الذي يسمته هو الذي أبد شرع موسى أو عيسى وكذب محمد بن عبد اللَّه ، وذلك لا يكون اللَّه تعالى ، فاذن هم ذاكرون اسم شيطان ، والاسم انما يكون لمسمى مخصوص بالقصد ، وذلك مفتقر الى معرفته واعتقاده ، والكفار على مذهبنا لا يعرفون اللَّه تعالى ، فكيف يصح منهم تسميته تعالى ، وفي ذلك دلالة واضحة على ما قلناه .
ومعنى قوله « إِنْ كُنْتُمْ بِآياتِه مُؤْمِنِينَ » ان كنتم عرفتم اللَّه وعرفتم رسوله وصحة ما آتاكم به من عند اللَّه . وهذا التحليل عام لجميع الخلق . وان خص به المؤمنين بقوله « إِنْ كُنْتُمْ بِآياتِه مُؤْمِنِينَ » لان ما حلل اللَّه للمؤمنين فهو حلال لجميع المكلفين ، وما حرم عليهم حرام على الجميع .
فصل : قوله « وما لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّه عَلَيْه وقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ ما حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْه » الاية : 119 .