لأنا لا نسلم أن العلة في كون اليدين مغسولتين كونهما محدودتين ، وانما وجب غسلهما لأنهما عطفا على عضو مغسول ، وهو الوجه ، فلذلك إذا عطف الرجلان « 1 » على ممسوح هو الرأس وجب أن يكون ممسوحين .
والكعبان عندنا هما النابتان في وسط القدم ، وبه قال محمد بن الحسن ، وان أوجب الغسل . وقال أكثر المفسرين والفقهاء : الكعبان هما عظما الساقين يدل على ما قلناه ، انه لو أراد ما قالوا لقال الى الكعاب ، لان في الرجلين منها أربعة .
وأيضا فكل من قال : يجب مسح الرجلين ، ولا يجوز الغسل . قال : الكعب هو ما قلناه ، لان من خالف في أن الكعب ما قلناه على قولين : قائل يقول بوجوب الغسل وآخر يقول بالتخيير . وقال الزجاج : كل مفصل للعظام فهو كعب .
وفي الاية دلالة على وجوب الترتيب في الوضوء من وجهين :
أحدهما : أن الواو يوجب الترتيب لغة على قول الفراء وأبي عبيد ، وشرعا على قول كثير من الفقهاء ، ولقوله عليه السّلام « ابدؤا بما بدأ اللَّه به » .
والثاني : أن اللَّه أوجب على من يريد القيام الى الصلاة إذا كان محدثا أن يغسل وجهه أولا ، لقوله « إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا » « 2 » فالفاء يوجب التعقيب والترتيب بلا خلاف ، فإذا ثبت أن البدأة بالوجه هو الواجب ثبت في باقي الأعضاء لان أحدا لا يفرق ، ويقويه قوله عليه السّلام للاعرابي حين علمه الوضوء ، فقال : « هذا وضوء لا يقبل اللَّه الصلاة الا به » فإن كان رتب فقد بين أنه الواجب الذي لا يقبل اللَّه الصلاة الا به . وان لم يرتب لزم أن يكون من رتب لا يجزيه ، وقد أجمعت الامة على خلافه .
وفي الاية دلالة على أن من مسح على العمامة أو الخفين لا يجزيه ، لان العمامة