وعطف الأرجل على الايدي لا يجوز ، لان الكلام متى حصل فيه عاملان :
قريب وبعيد ، لا يجوز اعمال البعيد دون القريب مع صحة حمله عليه ، لا يجوز أن يقول القائل : ضربت زيدا وعمروا ، وأكرمت خالدا وبكرا . ويريد بنصب بكر العطف على زيد وعمرو المضروبين ، لان ذلك خروج عن فصاحة الكلام ودخول في معنى اللغز .
وبمثل ما قلناه ورد القرآن وأكثر الشعر ، قال اللَّه تعالى « وأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَما ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّه أَحَداً » « 1 » ولو أعمل الاول لقال : كما ظننتموه . وقال « آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْه قِطْراً » « 2 » ولو أعمل الاول لقال : أفرغه . وقال « هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَه » « 3 » ولو اعمل الاول لقال : اقرؤوه ، وقال الشاعر :
قضى كل ذي دين فوفى غريمه وعزة ممطول معنى غريمها ولو أعمل الاول لقال : فوفاه غريمه ، فأما قول امرئ القيس :
فلو ان ما أسعى لأدنى معيشة كفاني ولم أطلب قليل من المال فإنما أعمل الاول للضرورة ، لأنه لم يجعل القليل مطلوبا ، وانما كان المطلوب عنده الملك القليل كافيا ، ولو لم يرد هذا ونصب لفسد المعنى .
فأما من نصب بتقدير واغسلوا أرجلكم ، كما قال :
متقلدا سيفا ورمحا وعلفتها تبنا وماء باردا فقد أخطأ ، لان ذلك انما يجوز إذا استحال حمله على ما في اللفظ ، فأما إذا جاز حمله على ما في اللفظ ، فلا يجوز هذا التقدير .
ومن قال : يجب غسل الرجلين لأنهما محدودتان كاليدين ، فقوله ليس بصحيح