والثاني : ان الاعراب بالمجاورة لا يكون مع حرف العطف ، وفي الاية حرف العطف الذي يوجب أن يكون حكم المعطوف حكم المعطوف عليه ، وكل ما ذكروه ليس فيه حرف العطف ، فأما قول الشاعر :
فهل أنت ان ماتت أتانك راحل الى آل بسطام بن قيس فخاطب قالوا : جر مع حرف العطف الذي هو الفاء ، فانه يمكن أن يكون أراد الرفع وانما جر الراوي وهما ويكون عطفا على راحل ويكون قد أقوى ، لان القصيدة مجرورة .
والثالث : ان الاعراب بالمجاورة انما يجوز مع ارتفاع اللبس ، فأما مع حصول اللبس فلا يجوز ، ولا يشتبه على أحد أن خربا من صفات الحجر لا الضب وكذلك قوله « مزمل » من صفة الكبير لا البجاد ، وليس كذلك في الاية ، لان الأرجل يمكن أن تكون ممسوحة ومغسولة ، فالاشتباه حاصل ، فأما قول الشاعر « ثواء ثويبة » فإنما جره بالبدل من الحول ، والمعنى لقد كان في ثواء ثويبة يقتضي لبانات وهو من بدل الاشتمال ، كقوله « قُتِلَ أَصْحابُ الأُخْدُودِ النَّارِ » « 1 » وقال الشاعر :
لم يبق الا أسير غير منفلت وموثق في عقال الأسر مكبول فليس خفض موثق على المجاورة ، لان معنى البيت : لم يبق غير أسير ، ف « الا » بمعنى « غير » وهي تعاقبها في الاستثناء ، فقوله « غير موثق » عطف على المعنى على موضع أسير ، وتقديره : لم يبق غير أسير وغير منفلت . فأما قوله « وحور عين » في قراءة من جرهما ، فليس بمجرور على المجاورة ، بل يحتمل أمرين :
أحدهما : أن يكون عطفا على قوله « يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ بِأَكْوابٍ وأَبارِيقَ وكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ » الى قوله « وحور عين » عطف على أكواب وقولهم انه لا يطاف الا بالكأس غير مسلم ، بل لا يمتنع أن يطاف بالحور العين كما