فكذلك إذا بلغ وله مال في يد وصي أبيه ، أو في يد حاكم قد ولي ماله ، وجب عليه أن يسلم اليه ما له إذا كان عاقلا مصلحا لماله وان كان فاسقا في دينه .
فصل : قوله « ولا تَأْكُلُوها إِسْرافاً » .
معناه : بغير ما أباحه اللَّه لكم . وقال الحسن والسدي : لا سرف « 1 » في الاكل ، وأصل الإسراف تجاوز الحد المباح الى ما لم يبح ، وربما كان ذلك في الافراط ، وربما كان في التقصير ، غير أنه إذا كان في الافراط يقال منه : أسرف يسرف إسرافا وإذا كان في التقصير يقال : سرف يسرف سرفا ، يقال مررت بكم فسرفتكم ، يريد فسهوت عنكم وأخطاتكم ، كما قال الشاعر :
أعطوا هنيدة يحذوها ثمانية ما في عطائهم من ولا سرف يعني : لا خطأ فيه يريد أنهم يصيبون مواضع العطاء فلا يخطونها .
معنى « بدارا » أي : لا تأكلوها مبادرة كبرهم .
وقوله « ومَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ ومَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ » يعني : من كان غنيا من ولاة أموال اليتامى فليستعفف بماله عن أكلها ، وبه قال ابن عباس وابراهيم .
وقوله « ومَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ » قال عبيدة : معناه القرض ، وهو المروي عن أبي جعفر عليه السّلام . ألا ترى أنه قال « فَإِذا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ » .
« ومَنْ كانَ فَقِيراً » فاختلفوا في الوجه الذي يجوز له أكل مال اليتيم به إذا كان فقيرا ، وهو المعروف ، فقال سعيد بن جبير وعبيدة السلماني وأبو العالية وأبو وائل والشعبي ومجاهد وعمر بن الخطاب : هو أن يأخذه قرضا على نفسه مما لا بد منه ثم يقضيه ، وبينا أنه المروي عن أبي جعفر عليه السّلام .