قوله « رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلًا » انما قال هذا ولم يقل هذه ولا هؤلاء ، لأنه أراد به الخلق ، كأنه قال : ما خلقت هذا الخلق باطلا ، بل خلقته دليلا على وحدانيتك وعلى صدق ما أتت به أنبياؤك .
وقوله « سبحانك » معناه براءة لك من السوء وتنزيها لك من أن تكون خلقتهما باطلا ، قال الشاعر :
أقول لما جاءني فخره سبحان من علقمة الفاخر « 1 » وفي الاية دلالة على أن الكفر والضلال وجميع القبائح ليست خلقا للَّه ، لأن هذه الأشياء كلها باطلة بلا خلاف ، وقد نفى اللَّه تعالى بحكايته عن أولي الباب الذين رضي أقوالهم ، بأنه لا باطل فيما خلقه ، فيجب بذلك القطع على أن القبائح كلها من فعل غيره ، وأنه لا يجوز اضافتها اليه تعالى .
فصل : قوله « رَبَّنا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَه » الاية : 192 .
قوله « وما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ » معناه : ليس للظالمين من يدفع عنهم على وجه المغالبة والقهر ، لان الناصر هو الذي يدفع عن المنصور على وجه المغالبة ، ولا ينافي ذلك الشفاعة في أهل الكبائر ، لان الشفاعة هي مسألة وخضوع وضرع الى اللَّه تعالى وليست من النصرة في شيء .
فصل : قوله « رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا » الاية : 193 .
فان قيل : ما معنى قوله « وكَفِّرْ عَنَّا » وقد أغنى عنه قوله « فَاغْفِرْ لَنا » .
قلنا : عنه جوابان ، أحدهما : اغفر لنا ذنوبنا ابتداء بلا توبة وكفر عنا ان تبنا ، والثاني : اغفر لنا بالتوبة ذنوبنا وكفر عنا باجتناب الكبائر السيئات ، لان الغفران قد يكون ابتداء ومن سبب ، والتكفير لا يكون الا عند فعل من العبد .
فصل : قوله « رَبَّنا وآتِنا ما وَعَدْتَنا » الاية : 194 .