فصل : قوله « يُؤْمِنُونَ بِاللَّه والْيَوْمِ الآخِرِ ويَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ ويَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ويُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ » الاية : 114 .
قد بينا أن الامر بالمعروف والنهى عن المنكر واجبان ، وأنه ليس طريق وجوبهما العقل ، وانما طريق وجوبهما السمع ، وعليه اجماع الامة ، وانما الواجب بالعقل كراهة المنكر فقط ، غير أنه إذا ثبت بالسمع وجوبه ، فعلينا ازالة المنكر بما يقدر عليه من الوجوه « 1 » الحسنة دون القبيحة ، لأنه لا تجوز ازالة قبيح بقبيح آخر .
وليس لنا أن نترك أحدا يعمل بالمعاصي إذا أمكننا منعه منها ، سواء كانت المعصية من أفعال القلوب ، مثل اظهار المذاهب الفاسدة ، أو من أفعال الجوارح ثم ننظر فان أمكننا إزالته بالقول فلا نزيد عليه ، وان لم يمكن الا بالمنع من غير إضرار لم نزد على ذلك ، فإن لم يتم الا بالدفع بالحرب فعلناه على ما بيناه فيما تقدم ، وان كان عند أكثر أصحابنا هذا الجنس موقوفا على السلطان أو اذنه في ذلك ، وانكار المذاهب الفاسدة لا يكون الا باقامة الحجج والبراهين والدعاء الى الحق ، وكذلك انكار أهل الذمة .
فأما الإنكار باليد فمقصور على من يفعل شيئا من معاصي الجوارح ، أو يكون باغيا على امام الحق ، فانه يجب علينا قتاله ودفعه حتى يفيء الى الحق وسبيلهم سبيل أهل الحرب .
والفرق بين السرعة والعجلة : أن السرعة هي التقدم فيما يجوز أن يتقدم فيه وهي محمودة وضدها الإبطاء وهو مذموم ، والعجلة هي التقدم فيما لا ينبغي أن يتقدم فيه وهي مذمومة ، وضدها الاناءة وهي محمودة .
فصل : قوله « يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً مِنْ دُونِكُمْ » الاية : 118 .
ذكر ابن عباس والحسن أن قوما من المؤمنين صافوا بعض المشركين من