وتفضيلهم على أهل ذاك الزمان من كل وجه ، ولا على ان كل فرد منهم أفضل من كل فرد من غيرهم ، بل ان تضخم عدد الأنبياء فيهم ومنهم حجة عليهم ، لا لهم ، لأنه يدل على انهم كانوا لشدة ضلالهم في أمسّ الحاجة إلى كثرة التحذير والانذار .
( واتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ ) أي ان كل انسان وما عمل ، فلا ظاهر ولا باطن ، ولا تعاون ولا تعاطف : « يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ ، وأُمِّهِ وأَبِيهِ ، وصاحِبَتِهِ وبَنِيهِ ، لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ - عبس » .
( ولا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ ولا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ ولا هُمْ يُنْصَرُونَ ) أي ان الشأن في يوم القيامة تماما كالموت لا تجدي معه واسطة من أي كان ، ولا تنفع فدية وان غلت ، ولا تمنع قوة مهما عظمت . . لا شيء على الإطلاق الا رحمة اللَّه :
« لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنا رَبُّنا ويَغْفِرْ لَنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ » .
التكرار في القرآن :
مرة ثانية يذكّر اللَّه بني إسرائيل بنعمته ، وقد أعاد الآية بلفظها بعد خمس آيات ، وليست هي الآية الوحيدة التي أعادها القرآن فلقد كرر العديد من آياته في أكثر من سورة بخاصة ما يتصل منها ببني إسرائيل ، وسيرتهم مع كليم اللَّه موسى ( ع ) . . وقد تساءل الكثيرون عن الحكمة من التكرار ؟ واتفق المفسرون على ان الغرض من التكرار هو التأكيد .
وبمضي الأيام تكتشف الأحزاب ، وأرباب الأهداف من الساسة والتجار وأصحاب الشركات ان التكرار من أجدى الوسائل للترغيب والإقناع ، وترويج السلع والآراء ومن أجل هذا تفننوا في الإعلانات ، وتخصصوا بها ، ورصدوا لها المبالغ .
قال غوستاف لوبون في كتاب الآراء والمعتقدات : « من يكرر لفظا أو صيغة تكرارا متتابعا يحوله إلى معتقد » . . وقال الدكتور جبسون في كتاب كيف تفكر : « للعبارات حين تكرر أمام أعيننا ، وعلى مسامعنا مرة ومرة فعل مغناطيسي