كلية ، فإنه سبحانه قد أعطى كل انسان دليلا خاصا به وحده على وجوده جل وعز لا يشاركه فيه سواه ، فما من انسان أيا كان إذا رجع إلى ما مر به من حوادث وتجارب ، وتأملها بإمعان إلا ويجد في حياته أشياء لا تفسير لها إلا إرادة اللَّه ومشيئته .
واني أستبعد كل البعد أن يعيش انسان ، أي انسان ، ولو كان كافرا ، يعيش حينا من الدهر دون أن تمر لحظة واحدة في حياته ، ولا يرجع فيها إلى اللَّه تلقائيا ومن غير قصد وشعور ، وإلى من يتجه في أحلك لحظات الشدة ؟
انه من غير شك يعود إلى فطرة اللَّه التي فطر الناس عليها ، وطبعت كل مولود بطابعها ، حيث لا أب يعلمه ، ولا أم تلقنه ، ولا محيط يكيفه .
قال زنديق للإمام جعفر الصادق ( ع ) : ما الدليل على وجود الصانع ؟
قال الإمام : لو ركبت البحر ، وهاجت الرياح ، وغرقت السفينة والملاحون ، وبقيت أنت حيا ، فهل ترجو النجاة لنفسك ؟
قال الزنديق : أجل .
قال الإمام : ان الصانع هو الذي ترجوه آنذاك .
وبالتالي ، فاني أنصح من يشك في وجود اللَّه أن يقرأ أدلة الجاحدين والماديين ، فإنه سينتهي حتما إلى الإيمان باللَّه ، إذ لا يجد دليلا على انكارهم إلا انهم يريدون ان يروا اللَّه بالعين ، ويلمسوه باليد ، ويشموه بالأنف .
وقد ذكرت الكثير الكثير من أدلة هذا الباب في كتاب « اللَّه والعقل » .
وكتاب « فلسفة المبدأ والمعاد » الذي وضعته خاصة للرد على الفلسفة المادية ، وكتاب « بين اللَّه والإنسان » . وكتاب « معالم الفلسفة » . وكتاب « الإسلام مع الحياة » وكتاب « إمامة علي والعقل » [1] . وغير هذه المؤلفات من الكتب والمقالات . . واللَّه سبحانه المسؤول أن يطهر نفوسنا من الشك والريب ، وأن يشملها بتوفيقه ورضوانه .