للتعرف على أسراره وحكمة بعض أحكامه . . ومن الجائز ان يكون هذا ما قصد إليه الذين كتبوا وألفوا في القرآن والعلم الحديث .
ومهما يكن ، فنحن على يقين راسخ بأننا أقوياء في ديننا ، أغنياء فيما لدينا من البراهين على صدقه . . ولسنا أبدا بحاجة إلى ما عند الغير ، بل نعتقد ان الغير بحاجة إلينا في ذلك . . ان البشرية في تاريخها كله لم تعرف ، ولن تعرف دينا أصلح لها من دين الإسلام ، ولا كتابا أنفع من كتابه ، ولا نبيا أعظم من نبيه ، ومن لم يهتد بدلائل القرآن ، ودعوته إلى الحياة الطيبة فلا تقنعه الكشوف العلمية قديمة كانت أو حديثة . وخطر في بالي الآن شيء . . ربما خفف عن القارئ وطأة الملل من القراءة ، وأغراه في المضي ، كما انه يصلح - على ما أظن - ردا على من يحاول تطبيق القرآن على العلم الحديث ، وهذا هو الخاطر :
مر عزير على قرية خاوية على عروشها ، وكان معه حماره ، وطعامه ، وشرابه ، فتعجب واستغرب ، وقال : انّي يحيي هذه اللَّه بعد موتها ؟ ! وأراد اللَّه أن يزيل استغرابه ، واستبعاده فأماته مائة عام ، وأبقى طعامه وشرابه طوال هذه المدة على حالهما دون أن ينالهما تغير وفساد . . ولما أحيا اللَّه عزيرا وأراد أن يريه من آياته عجبا قال له : أنظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه ، أي لم يتغير .
فهل يا ترى كان طعام عزير وشرابه في ثلاثة ؟ ! السؤال موجه لصاحب القرآن والعلم الحديث . . وليس من شك ان هذه الثلاجة التي حفظت الطعام والشراب مائة عام ليس من شك انها من موديل سنة الألفين ، لا موديل سنة ال 67 .
أجل ، ان فهم معاني القرآن الكريم يمكن تطبيقه على العلم الحديث ، وبصورة خاصة على النظرية النسبية . . ذلك ان الفهم لجهة من جهات معنى من معانيه الدقيقة العميقة يختلف باختلاف زمن التلاوة ومكانها ، وحال من يتلو أو يسمع .
وان قال قائل : ان هذا الاختلاف لا يختص بالفهم لتلاوة القرآن وحده ، لأن النظرية النسبية عامة لا تقبل التخصيص .
قلنا في جوابه : هذا صحيح ، ولكن لمعاني القرآن استعدادا لذلك لا يوجد في غيرها . . وهذا يعزز ملاحظتنا بأن من يقف عند قول المفسرين ، لا يتعداه ولو في تفسير آية واحدة فهو قاصر يملك عقلا قارئا ، لا عقلا واعيا . . واللَّه سبحانه المسؤول أن يجعل فهمنا لآياته فهم وعي ودراية ، لا فهم نقل ورواية .