وقيل : ان اثنين كانا يتنزهان في حديقة ، ومع أحدهما قضيب يلعب به ، فمس طرف القضيب أنف الآخر ، ولما اعترض هذا قال صاحب القضيب : أنا حر ، فقال له صاحبه : لحريتك حد ينتهي عند أنفي .
ولا أعدو الحقيقة إذا حددت الحرية بالايمان باللَّه ، والتعبد له وحده لأن من تعبد للحق دون سواه فقد تحرر من الباطل ومن تحرر من عبادة الحق فقد عبد الباطل حتما ، والتفكيك محال إلا عند فوضوي ، لا يؤمن بحلال ولا بحرام ، ولا بشيء على الإطلاق إلا بنفسه وحدها لا شريك لها .
« اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ » :
الصراط في اللغة الطريق المحسوس ، وفيه قراءتان بالسين والصاد ، والسين هي الأصل ، والمستقيم المعتدل الذي لا عوج فيه وهو صفة للصراط ، والمراد بالصفة والموصوف هنا الحق .
وليس المراد بالهداية مجرد العلم ، بل العلم مع التوفيق إلى العمل ، فمن دعا لك بالهداية فقد دعا لك بالخير كل الخير ، ومن دعا لك بالعلم فقد دعا لك ببعض الخير . . والغريب ان أكثر الناس يثقل عليهم الدعاء بالهداية ، بخاصة العلماء والكبراء مع العلم بأن الرسول الأعظم ( ص ) كان يكرر الدعاء بها ليل نهار في صلواته وغيرها .
ولست أعرف هداية وتوفيقا أفضل وأعظم من أن يكتشف الإنسان عيوب نفسه بنفسه ، ويشعر بالتأنيب ووخز الضمير من أجلها . . وبهذا الشعور يمكن النجاة والخلاص ، أعاذنا اللَّه من الغرور وأسوائه .
« صِراطَ الَّذِينَ » :
جاء في بعض الروايات ان المغضوب عليهم هم اليهود ، والضالين هم النصارى ، ولكن لفظ الآية عام لا تخصيص فيه ، ولا استثناء ، فكل مطيع تشمله نعمة اللَّه ورحمته ، وكل عاص ضال ومغضوب عليه .