responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكاشف نویسنده : محمد جواد مغنية    جلد : 1  صفحه : 34


وعلى القراءة الأولى يكون « مالك » وصفا ، وعلى القراءة الثانية يكون « ملك » بدلا .
وفي نهج البلاغة : إنّا لا نملك مع اللَّه شيئا ، ولا نملك الا ما ملَّكنا ، فمتى ملَّكنا ما هو أملك به منا كلَّفنا ، ومتى أخذه منا وضع تكليفه عنا .
« إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ » :
إياك ضمير منفصل ، ومحله النصب مفعولا للفعل الذي بعده ، وقدم للحصر والاختصاص . . والمعنى نعبدك ، ولا نعبد سواك ، ونستعين بك ، لا بغيرك ، وخاطب العبد ربه بضمير المفرد إخلاصا في التوحيد ، وتنزيها عن الشريك ، ومن أجل هذا لا يخاطب الواحد القهار بصيغة الجمع . . أما ضمير نحن في نعبد ونستعين فللمتكلم ومن معه ، لا للتعظيم .
وتتحقق العبادة بالصوم والصلاة ، والحج والزكاة لوجه اللَّه تعالى ، وأيضا تتحقق بكل عمل انساني يسد حاجة من حاجات الناس ، فلقد جاء في الحديث :
« أهل المعروف بالدنيا أهل معروف في الآخرة . . خير الناس أنفع الناس للناس » .
وليس معنى « إِيَّاكَ نَعْبُدُ ، وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ » ان اللَّه أهل للعبادة وكفى ، بل تدل الآية أيضا على ان الإنسان مخلوق كريم حرره اللَّه من العبودية والخضوع إطلاقا إلا للحق الذي يعلو على كل شيء ، ولا يعلو عليه شيء . . وبديهة ان الحرية التي لا يحدها الحق تنعكس إلى فوضى . . ومما قرأته في هذا الباب قول جان بول سارتر : « ان التحرر الحقيقي ان يلتزم الإنسان بوضع نفسه وحريته في خدمة الآخرين » [1] .



[1] معنى الوجودية التي كان يقول بها سارتر ان كل فرد من افراد الإنسان هو في عزلة واستقلال عن غيره ، وانه لا شيء بالنسبة إليه إلا وجوده وحده ، ولا يتحقق له وجود إلا إذا انطلق مع حريته ، دون قيد أو شرط . . . أما الدين والمبادئ والمعايير والمقاييس فكلام فارغ ، فلا خير إلا خير الفرد نفسه ، ولا شر إلا شره بالذات . . . ويستدل سارتر على ذلك بأن الإنسان أتى من عالم مجهول ، ويذهب إلى عالم مجهول وانه وجد قبل القوانين العقلية والدينية ، ومن استسلم لدين من الأديان ، أو لمبدأ من المبادئ فقد قيد نفسه ، وتنازل عن حريته ، وبالتالي عن وجوده . . ثم عدل سارتر عن فلسفته هذه ، واعتنق « حرية أعظم ، وهي الحرية من أجل الملايين ، وان الإنسان يكسب نفسه حينما يضعها في خدمة الآخرين ، وان الإنسان الحقيقي هو الذي يلتزم بهذا المبدأ » . . وبعد أن كان سارتر يتكلم عن الفرد ويدافع عنه أصبح يتكلم عن الشعوب ويدافع عنها .

نام کتاب : التفسير الكاشف نویسنده : محمد جواد مغنية    جلد : 1  صفحه : 34
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست