انجائهم من ذبح الأبناء واستحياء النساء ، ثم هلاك فرعون ، ثم العفو عنهم ، ثم إيتاء موسى التوراة . ومن أحسن ما قرأته في هذا الباب - وأنا أتتبع ال 17 تفسيرا التي لدي - هو قول أبي حيان الأندلسي في تفسيره البحر المحيط :
« انظر إلى حسن هذه الفصول التي انتظمت انتظام الدر في أسلاكها ، والزهر في أفلاكها ، كل فصل منها - أي من النعم - قد ختم بمناسبة ، وارتقى في ذروة فصاحته أعلى مناصبه ، واردا من اللَّه على لسان محمد أمينه دون أن يتلو من قبل كتابا ، ولا خطه بيمينه » .
يشير أبو حيان بهذا إلى ان تلك الصور المتلاحقة المنتظمة هي من معجزات محمد ، لأنه أخبر بها من غير تعلَّم . . رحم اللَّه السلف وغفر لهم ، وأجزل عليهم النعم والعطية ، فإنهم ما رأوا ظاهرة يستشم منها تأييد هذا الدين ونبيه الأكرم الا مدوا إليها الأعناق بلهفة واشتياق ، وبادروا إليها شرحا وتفصيلا ، واستخراجا وتدليلا ، فأين أين نحن علماء هذا الزمان الذين نتكالب على الدنيا ، ولا نرى هما الا همّ أنفسنا ، ولا مشكلة الا مشكلة أولادنا . . أين نحن من أولئك الأعاظم الذين ضحوا بكل شيء من أجل إعزاز الإسلام ونبي الإسلام ؟ .
عفا اللَّه عنهم ورفعهم وكل من خدم الدين إلى أعلى الدرجات .
« وَإِذْ قالَ مُوسى » الآية 54 - 57 :
وإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بارِئِكُمْ فَتابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ( 54 ) وإِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهً جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ ( 55 ) ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ( 56 ) وظَلَّلْنا عَلَيْكُمُ