غير ممتنع عقلا من الله تعالى ، وإذا كان كذلك فهذا الكلام خرج على الجواز العقلي وإن كان السمع ورد بتعذيب الكفار وعدم الغفران لهم إلا أن ورود السمع بذلك لا يرفع الجواز العقلي . وأما القدرية فيزعمون أن المغفرة للكافر ممتنعة عقلا لا تجوز على الله تعالى لمناقضتها الحكمة فمن ثم كفحتهم هذه الآية بالرد ، إذ لو كان الامر كزعمهم لما دخلت كلمة إن المستعملة عند الشك في وقوع الفعل بعدها لغة في فعل لا شك في عدم وقوعه عقلا ، ولكان ذلك من باب التعليق بالمحال كإن يبيض القار وأشباهه وليس هذا مكانه ، فقول الزمخشري إذا إن يغفر لهم لم يعدم وجها من الحكمة في المغفرة ، لان العفو عن المجرم حسن عقلا لا يأتلف بقواعد السنة ، إذ لا يلتفت عندهم إلى التحسين العقلي ، ولا يأتلف أيضا بنزعات القدرية لانهم يجزمون بأنه لا وجه من الحكمة في المغفرة للكافر ويقطعون بمنافاتها الحكمة ، فكيف يخاطب الله تعالى به ، فعلم أن عيسى عليه السلام يبرأ إلى الله من هذا الاطلاق ومما اشتمل عليه من سوء الأدب ، فإن قول القائل لمن يخاطبه : ما فعل كذا فلم يعدم فيه عذرا ووجها من المصلي وكلام مبذول وعبارة نازلة عن أو في مراتب الأدب ، إنما يطلقها المتكلم لمن هو دونه عادة ، فنسأل الله إلهام الأدب وتجنب ما في إساءته من مزلات العطب .
قوله تعالى ( قال الله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم ) قال ( إن قلت : ما معناه إن أريد صدقهم في الآخرة الخ )