نام کتاب : الأقسام في القرآن الكريم نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 74
وإنما أقسم بالعصر لأهميته ، إذ هو في وقت من النهار يحدث فيه تغيير في نظام المعيشة وحياة البشر ، فالأعمال اليومية تنتهي ، والطيور تعود إلى أوكارها ، وتبدأ الشمس بالميل نحو الغروب ، ويستولي الظلام على السماء ، ويخلد الانسان إلى الراحة . وهناك قولان آخران : أ : المراد عصر الرسول ، ذلك لما تضمنته الآيتان التاليتان من شمول الخسران للعالم الانساني ، إلا لمن اتبع الحق وصبر عليه ، وهم المؤمنون الصالحون عملا ، وهذا يؤكد على أن يكون المراد من العصر عصر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وهو عصر بزوغ نجم الاسلام في المجتمع البشري وظهور الحق على الباطل . ب : المراد به وقت العصر ، وهو المروي عن مقاتل ، وإنما أقسم بها ، لفضلها بدليل ، قوله : ( حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى ) ( 2 ) كما قيل أن المراد من قوله تعالى : ( تحبسونهما من بعد الصلاة فيقسمان بالله ) ( 3 ) هو صلاة العصر . أضف إلى ذلك أن صلاة العصر يحصل بها ختم طاعات النهار ، فهي كالتوبة يختم بها الأعمال . ولا يخفى ان القول الأخير في غاية الضعف ، إذ لا صلة بين القسم بصلاة العصر والمقسم عليه ، أعني ( الانسان لفي خسر ) على أنه لو كان المقسم به هو صلاة العصر ، لماذا اكتفى بالمضاف إليه ، وحذف المضاف مع عدم توفر قرينة عليه ، ومنه يظهر حال الوجه المتقدم عليه .