نام کتاب : الأقسام في القرآن الكريم نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 121
وأما الصلة بين المقسم عليه أعني قوله : لتبعثن والحلف بالنفس اللوامة فهي ظهور اللوم من هذه النفس يوم القيامة ، فان نفس الكافر لا تلومه في الدنيا إلا قليلا ، في حين يتجلى اللوم ويتجسد يوم القيامة أكثر فأكثر . وأما كرامة النفس اللوامة فواضحة جدا ، لأنها تردع الانسان عن اقتراف الذنوب ، ولا يمكن خداعها ، وهي يقظة تزجر الانسان دائما بالنسبة إلى ما عمله وقصده . إن إبراهيم لما حطم الأصنام وجعلها جذاذا إلا كبيرا لهم لعل القوم يرجعون إليه ويرتدعون عن عقيدتهم بألوهيتها ، فلما رجعوا ووقفوا على أنه عمل إبراهيم أحضروه للاقتصاص منه ، وخاطبوه بقولهم : ( أأنت فعلت هذا بآلهتنا ) ، فأجابهم إبراهيم : ( بل فعله كبيرهم ) ، ثم أمرهم بسؤاله عن الجريمة التي ارتكبها ، فبهت الجمع من هذا السؤال وظلوا صامتين لعجزهم عن الإجابة ، فعندئذ تبين لهم أن مثل هذا الصنم أحط من أن يعبد ، فاستيقظ وجدانهم وأخذت نفوسهم تلومهم على النهج الذي اختطوه ، بل الآلهة التي عبدوها حيث وجدوا انها غير خليقة بالعبادة والخضوع ، وهذا ما يحكي عنه القرآن بقوله : ( فرجعوا إلى أنفسهم فقالوا إنكم أنتم الظالمون ) أي خاطبوا أنفسهم بالظلم ، فكأنه قال بعضهم لبعض أنتم الظالمون حيث تعبدون مالا يقدر عن الدفع عن نفسه وما نرى الامر إلا كما قال هذا الفتى . هذه هي النفس اللوامة التي تظهر بين الحين والآخر وتزجر الانسان عن ارتكاب الذنوب . وهذا الذي يسميه علم النفس في يومنا هذا بالوجدان الأخلاقي ، ويصفون الوجدان محكمة لا تحتاج إلى قاض سوى النفس ، وهي التي تقوم بتأسيس
نام کتاب : الأقسام في القرآن الكريم نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 121