أحدهما بمعنى خلوت معه ، والآخر بمعنى سخرت منه ، وخلوت إليه في قضاء الحاجة لا غير ، وخلوت به له معنيان : أحدهما هذا ، والآخر سخرت منه ، قال الأخفش : وقد تكون ( إلى ) في موضع الباء ، ( وعلى ) في موضع عن ، وأنشد :
إذا رضيت عليَّ بنو قشير * لَعمر الله أعجبني رضاها [1] فعلى هذا يحتمل أن تكون الآية : ( خلوا مع . . . ) وقال الرماني : الفرق بين اللقاء والاجتماع ، أنّ اللقاء لا يكون إلاّ على وجه المجاورة ، والاجتماع قد يكون كاجتماع العزمين في محل ، وقد بيّنا معنى الشيطان فيما مضى [2] .
( ( معكم ) ) ومعكم - بفتح العين وسكونها - لغتان .
وترك الهمزة في * ( مستهزئون ) * لغة قريش ، وعامة غطفان ، وكنانة بعضها يجعلها بمنزلة يستقصون ، ويستعدون بحذفها ، وبعض بني تميم وقيس يشيرون إلى الزاء بالرفع ، بين الرفع والكسر ، وهذيل ، وكثير من تميم يخففون الهمزة .
وقال بعض الكوفيين : إنّ معنى * ( إِذَا خَلَوْا ) * : إذا انصرفوا خالين ، فلأجل ذلك قال : إِلَى شَيَاطِينِهِمْ . على المعنى ، وهو مليح ، وقيل : إنّ شياطينهم رؤساؤهم ، وقيل : أريد بهم أصحابهم من الكفّار ، وروي عن أبي جعفر ( عليه السلام ) : أنّهم كهانهم .
والاستهزاء : طلب الهزء بايهام أمر ليس له حقيقة في من يظن فيه الغفلة ، والهزء : ضد الجد ، يقال : هزئ به هزء ، والتهزي : طلب الهزء بالشيء ، وغرضهم كان بالاستهزاء مع علمهم بقبحه حقن دمائهم بإظهار الإيمان ، وإذا خلوا إلى شياطينهم كشفوا ما في نفوسهم .