الصبيان سفهاء بقوله : * ( لا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمْ ) * [1] فقال عامة أهل التأويل : هم النساء والصبيان لضعف آرائهم ، وأصل السفه : خفة الحلم وكثرة الجهل ، يقال : ثوب سفيه إذا كان رقيقاً بالياً ، وسفهته الريح : إذا طيرته كلّ مطيّر ، وفي أخبارنا أنّ شارب الخمر سفيه ، فأمر الله تعالى أن يؤمنوا كما آمن المؤمنون المستبصرون فقالوا : أنؤمن كما آمن الجهال ، ومن لا رأي له ومن لا عقل له كالصبيان والنساء ، فحكم الله عليهم حينئذٍ بأنّهم السفهاء بإخباره عنهم بذلك ، وهو من تقدّم ذكره من المنافقين .
والسفيه إنّما سمّي مفسداً من حيث أنّه يفسد من حيث يظن أنّه يصلح ، ويضيّع من حيث يرى أنّه يحفظ ، وكذلك المنافق يعصي ربه من حيث يظن أنّه يطيع ، ويكفر به من حيث يظن أنّه يؤمن به ، والألف واللام في السفهاء للعهد كما قلناه في الناس .
وهذه الآية أيضاً فيها دلالة على من قال : إنّ الكافر لا يكون إلاّ معانداً ، لأنّه قال : * ( وَلَكِنْ لا يَعْلَمُونَ ) * .
قوله تعالى : * ( وَإِذَا لَقَواْ الَّذِينَ ءَامَنُواْ قَالُواْ ءَامَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهزِءُونَ ) * آية ( 14 ) .
المعنى : حكي عن ابن عباس أنّه قال : هذه في صفة المنافقين فكان الواحد منهم إذا لقي أصحاب النبيّ قال : إنّا معكم - أي على دينكم - وإذا خلوا إلى شياطينهم - يعني أصحابهم - قالوا : إنّا معكم إنّما نحن مستهزئون [2] - يعني نسخر منهم - . يقال : خلوت إليه ، وخلوت معه ، ويقال : خلوت به على ضربين :