لأنّهما جميعاً عندهم أنّه إصلاح في الدين وإن كان ذلك إفساداً عند الله ، ومن حيث أنّه خلاف لما أمرهم به ، وإنّما جاز تكليف ما لا يشعر أنّه على ضلال ؛ لأنّ له طريقاً إلى العلم .
قوله تعالى : * ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَمِنُواْ كَمَآ ءَامَنَ النَّاسُ قَالُواْ أَنُؤْمِنُ كَمَآ ءَامَنَ السُّفَهَآءُ أَلَآ إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَآءُ وَلَكِن لَّا يَعْلَمُونَ ) * آية ( 13 ) .
المعني بهذه الآية هم الذين وصفهم تعالى بأنّهم يقولون : * ( آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْم الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ ) * .
والمعنى إذا قيل لهم أمنوا بمحمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وبما جاء من عند الله ، كما آمن به الناس يعني المؤمنين حقاً ، لأنّ الألف واللام ليسا فيه للاستغراق ، بل دخلا للعهد ، فكأنّه قيل : آمنوا كما آمن الناس الذين تعرفونهم باليقين والتصديق بالله ونبيه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وبما جاء به من عند الله .
والألف في قوله : * ( أَنُؤْمِنُ ) * ألف إنكار ، وأصلها الاستفهام ، ومثله * ( أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ ) * [1] وكقول القائل : ( أأضيع ديني وأثلم مروءتي ) ؟ وكلّ هذا جواب ، لكن قد وضع السؤال فيه وضعاً فاسداً ، لوصفهم أنّ الذين دعوا إليهم سفهاء .
وموضع * ( إذا ) * نصب ، وتقديره : قالوا إذا قيل لهم ذلك أنؤمن ، فالعامل فيه قالوا .
والسفهاء جمع سفيه ، مثل : علماء وعليم ، وحكماء وحكيم ، والسفيه : الضعيف الرأي الجاهل القليل المعرفة بمواضع المنافع والمضار ، ولذلك سمّى الله