والافساد مأخوذ من الفساد : وهو كلّما يغير عن استقامة الحال ، تقول : فسد يفسد فساداً ، والافساد : إحداث الفساد ، والمفاسدة : المعاملة بالفساد ، والتفاسد : تعاطي الفساد بين اثنين ، والاستفساد ، المطاوعة على الفساد ، لا تفسدوا في الأرض فيقولون إنّما نحن مصلحون ، ويقال لهم : آمنوا كما آمن الناس فيقولون أنؤمن كما آمن السفهاء ؟ فليس هؤلاء منافقين ، بل مظهرون لكفرهم .
والآية في المنافقين قيل : المنافقون وإن كانوا يظهرون الإيمان للنبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فإنّهم كانوا لا يألون المسلمين خبالاً ، وكانوا يثبطون عن النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ويدعون إلى ترك نصرته من يثقون باستماعهم منهم ، ومن يظنون ذلك به ، فربما صادفوا من المؤمنين التقي فيجيبهم بما ذكر الله ، فإذا أخبر أولئك النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ثم ذكروا له ما قالوا وعاتبهم النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عادوا إلى إظهار الإيمان والندم عليه ، أو كذّبوا قائله والحاكي عنهم ، وكان لا يجوز في الدين إلاّ قبول ذلك منهم بما يظهرون ، وخاصة في صدر الإسلام ، والحاجة إلى تألف قلوبهم ماسة ، ومن قرأ الأخبار تبيّن صحّة ما قلناه .
والافساد في الأرض : العمل فيها بما نهى الله عنه ، وتضييع ما أمر الله بحفظه ، كما قال تعالى حاكياً عن الملائكة : * ( أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا ) * [1] يعنون من يعصيك ، ويخالف أمرك ، وهذه صفة المنافقين .
والأرض : هي المستقر للحيوان ، ويقال لقوائم البعير : أرض ، وكذلك الفرس إن قوي ، والأُرض : الرّعدة ، وقال ابن عباس : ما أدري إذاً زلزلت الأرض أم بي أرض ؟ أي رعدة ، والأرضة : دويبة تأكل الخشب .