العذاب بتكذيبهم النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وبما جاء به ، ومن فتح الياء وخفّف الذال قدر المضاف ، كأنّه قال : بكذبهم ، وهو أشبه بما تقدّم ، وهو قولهم : * ( آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْم الآخِرِ ) * [1] ، فأخبر الله عنهم فقال : * ( وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ ) * ولذلك يحمد تكذيبهم . وادخل كان ليعلم أنّ ذلك كان فيما مضى ، كقول القائل : ما أحسن ما كان زيداً ، وقال بعض الكوفيين : لا يجوز ذلك ، لأنّ حذف كان ، إنّما أجازوه في التعجب ، لأنّ الفعل قد تقدّمها فكأنّه قال حسناً كان زيد ، ولا يجوز ذلك هاهنا لأنّ كان تقدمت الفعل .
قوله تعالى : * ( وإِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ ) * آية ( 11 ) .
وروي عن سلمان ( رحمه الله ) أنّه قال : لم يجئ هؤلاء [2] ، وقال أكثر المفسّرين : إنّها نزلت في المنافقين الذين فيهم الآيات المتقدّمة ، وهو الأقوى ، ويجوز أن يراد بها من صورتهم صورتهم ، فيحمل قول سلمان ( رحمه الله ) على أنّه أراد بعد انقراض المنافقين الذين تناولتهم الآية .
ومعنى قولهم له : * ( إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ ) * يحتمل أمرين :
أحدهما : أن يقول : إنّ هذا الّذي عندكم فساد ، هو صلاح عندنا ، لأنّا إذا قابلناهم استدعيناهم إلى الحقّ في الدين .
والثاني : أن يجحدوا ذلك البلاغ .