مرضت قلوبهم بما فيها من الشك ، ثم ازدادوا شكاً وكفراً عندما كان تجدد من أمر الله ونهيه ، وما ينزل من آياته ، جاز أن يقال : * ( فَزَادَهُمْ اللَّهُ مَرَضاً ) * .
فإن قيل : فعلى هذا ينبغي أن يكون انزال الآيات مفسدة ، لأنّهم يزدادون عند ذلك الكفر .
قلنا : ليس حد المفسدة ما وقع عنده الفساد ، وإنّما المفسدة ما وقع عندها الفساد ، ولولاها لم يقع ، ولم يكن تمكيناً ، وهذا تمكين لهم من النظر في معجزاته ودلائله ، فلم يكن استفساداً ، ولو كان الأمر على ما قالته المجبّرة : إنّ الله يخلق فيهم الكفر لقالت الكفار ما ذنبنا ، والله تعالى يخلق فينا الكفر ، ويمنعنا من الإيمان ، فلم تلوموننا على ما فعله الله ؟ فتكون الحجة لهم لا عليهم وذلك باطل ، والتقدير في الآية في اعتقاد قلوبهم الّذي يعتقدونه في الدين والتصديق بنبيه مرض ، وحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه . قال الشاعر :
هلا سألت الخيل يا ابنة مالك * إن كنت جاهلة بما لم تعلمي [1] يعني أصحاب الخيل كما قال : يا خيل الله اركبي يعني يا أصحاب خيل الله ، وكما قال تعالى : * ( وَاسْأَلْ الْقَرْيَةَ ) * [2] وإنّما أراد أهلها . وروي عن ابن عباس أنّ المرض المراد به الشك والنفاق ، وبه قال قتادة وعبد الرحمن بن زيد .
والكذب ضد الصدق ، وهو الاخبار عن الشيء لا على ما هو به ، يقال : كذب يكذب كذباً وكذاباً - خفيف وثقيل - مصدران ، والكذب كالضحك والكذاب كالكتاب والاكذاب : جعل الفاعل على صفة الكذب ، والتكذب : التحلّي بالكذب ، وجهة من ضم الياء وشدّد الذال أنّه ذهب إلى أنّهم استحقوا