المرض : السقم في البدن فشبه ما في قلوبهم من النفاق والشك بمرض الأجساد .
والأليم بمعنى المؤلم الموجع : فعيل بمعنى مفعل مثل بديع بمعنى مبدع ، ومكان حريز بمعنى محرز . قال ذو الرمة :
يصك وجوهها وهج أليم [1] فإن قيل : إذا كان معنى قوله : * ( فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ) * أي شك ونفاق ، ثم قال : * ( فَزَادَهُمْ اللَّهُ مَرَضاً ) * ثبت أنّ الله يفعل الكفر بخلاف ما تذهبون إليه .
قيل : ليس الأمر على ما ذكرتم ، بل معناه : إنّ المنافقين كانوا كلّما أنزل الله آية أو سورة كفروا بها ، فازدادوا بذلك كفراً إلى كفرهم ، وشكاً إلى شكهم ، فجاز لذلك أن يقال : فزادهم الله مرضاً لما ازدادوا هم مرضاً عند نزول الآيات ، ومثل ذلك قوله حكاية عن نوح : * ( رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَاراً * فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلاّ فِرَاراً ) * [2] وهم الذين ازدادوا فراراً عند دعائه .
ومثل قوله : * ( فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ ) * [3] وإنّما أراد أنّهم ازدادوا عند نزول الآية وكقوله : * ( فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيّاً حَتَّى أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي ) * [4] والمؤمنون ما أنسوهم ذكر الله بل كانوا يدعونهم إليه تعالى ، لكن لمّا نسوا ذكر الله عند ضحكهم من المؤمنين واتخاذهم إياهم سخرياً ، جاز أن يقال : إنّ المؤمنين أنسوهم ، ويقول القائل لغيره إذا وعظه فلم يقبل نصيحته : قد كنت شريراً فزادتك نصيحتي شراً ، وإنّما يريد أنّه ازداد عنده ، فلمّا كان المنافقون فقد